الأربعاء، 20 أبريل 2016

حديث الجاريتين ماله وما عليه ,,,

قرأت بعض الردود في صفحتنا هنا أو في أماكن أخرى في حديث الجاريتين ا في مقالتي عن الغناء في الاسلام
بادئ بذي بدء، الحديث في البخاري ذكرت سنده ومجموعة ممن رووه، ومنهم مسلم وأحمد وابن ماجه وآخرون، ولم يعهد على معتبرين في التاريخ نكرانه، فهو حديث لا شبهة فيه ومتفق عليه. فكون الحديث لم يوافق منهج الشخص لا يجوز رده بهذه الطريقة؛ فالسنة مكملة وشارحة للقرآن
أما من غير معناه وحرف محتواه ولف مغزاه فآود أن أفتح لهم باباً للنقاش، وارجوهم ان لا يكرروا الكلام الذي نسمعه نفسه في 90,000 موقع و200,000 كتاب ومليون ديوان وجلسة، قل شيئا من عندك او فقط اذهب وانشر مذهبك ومنهجك في التقليد في هذه المواقع والكتب والدواوين. انا لما اقول برأي يجب آن تدرك اني قرات هذا الذي تنقله من التاريخ. آحب لك أن تعرف أني قرات كل كتب الامام ابن القيم وفتاوى ابن تيمية وجملة كبيرة جدا من فتاوي المشايخ ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله وأقر بمعظمها واحترمها كلها واعتبر نفسي أحد تلاميذهم، لكني لا اتبع واحدا منهم ولا اقلد. لذا قل شيئا جديداً آو في نفس الموضوع او لن ينفعنا هنا كلامك
دعنا اولا نذكر الحديث لمن لم يقرأه او للتذكرة
عن هشام عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها والنبي صلى الله عليه وسلم عندها يوم فطر أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر مزمار الشيطان مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم. هذا لفظ الحديث للامام البخاري، وعند الامام احمد ليس فيه "مزمار الشيطان". والحديث رواه آخرون من الصحابة كذلك منهم أبوبكرة رضي الله عنه. (وقينتان يعني مغنيتان
اعتراضاتهم تقول:
أن ابا بكر رضي الله عنه مثل الغناء والعزف بالدف بأنه مزمار الشيطان.
أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على هذا التشبيه، ونقلوا كلام ابن القيم وغيره في ذلك.
أن عائشة رضي الله عنها والجاريتين كانوا صغاراً أطفالاً.
أنه لم يحل من المعازف الا الدف.
أن هناك مناسبة لذلك وهي العيد.
١- الاعتراض الاول: ان أبا بكر رضي الله عنه مثل الغناء والمعازف بمزامير الشيطان، ولذا فالمعازف مزامير الشيطان، وهي طبعاً منبوذة. هذا المأمول من الكلام. صح؟
الرد: أولا يجب ان ننظر في المقصود، كن منتبهاً؛ لان معظم من ينقلون الكلام يكررون كلام شخص واحد فقط منذ مئات السنين، لا ينظرون في الحديث، فقط يكررون الكلام نفسه وقد لا يعونه. اولاً ما المقصود بمزامير الشيطان؟ من سياق الحديث كما في رويات عدة أن ابا بكر دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وانه سمع جاريتين تغنيان وتدففان - اي تعزفان بالدف باغاني فيها مخالفة قيمية اذا فيها قذف. فرد عليهما بشدة وقال: مزمار الشيطان في بيت رسول الله؟! هنا ثلاثة احتمالات بالمقصود بمزمار الشيطان: (١) الغناء، (٢) آلة الدف، (٣) الكلام المخل الداعي للقبلية والتراشق بالالفاظ
اما كونه الغناء فهناك ما يخالف هذا القول من السنة كون أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الغناء، بل وحرض باستخدامه في تلاوة القرآن للتجميل. الدليل على الاول قوله في حديث الربيّع بنت معوذ بن عفراء جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بنى علي (أي تزوجت) فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قُتل من آبائي يوم بدر، إذ قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين. (رواه البخاري وغيره). هذا مؤشر على إقراره للغناء، بل وسماعه والسماح به، ولما قالت منكراً عنه صححها وطلب منها العودة للغناء لكن باللفظ واللغة المقبولتين عقدياً؛ لان الغيب لا يعلمه الا الله، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب. وفي رواية الترمذي لفظ جاريات وليس جويريات؛ لأن هنا فيه تعمد بتصغير العمر، وكن منتبهاً أنه لا يمكن لطفلة ان تعزف الدف وتحفظ الشعر وتحسن الغناء وتنظم الابيات الارتجالية، كما من سياق الحديث، ربما صغيرات لكن لسن أطفالاً. ومن العجب أن يعنون الامام ابن القيم في كتابه عون المعبود باب هذا الحديث عند ابي داود: "باب: في النهي عن الغناء"!! هل رأيت أي دلالة من هذا الحديث المذكور فيه نهي عن الغناء؟! أم رأيت أنه يقول "وقولي بالذي كنت تقولين". عجب. ثم كثير من المقلدة أخذوا نفس الكلام فاثبتوا كلام ابن القيم وغفلوا عن كلامه صلى الله عليه وسلم! وهي عادة عند أصحاب هذا المنهج يناصرون المنهج وينسون الأصل. مثل لما قلت لهم في مقابلة الوطن أن الثبات بالعموم خطأ فالله يقول: (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) قالوا أنكر الثبات وجاءوا بالأحاديث وتجاهلوا الآية. لما أقول لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون أنكر أبوبكر! لما أقول لهم قال عمر يقولون فسر الآية ابن مسعود! لما أقول لهم يقول الشافعي يقولون قال ابن القيم!! هل رأيت خللاً أعظم من هذا في المرجعية
أما كون المقصود في المزمار الدف الذي كان يعزف في بيت النبي وبحضرته فأيضاً مخالف للسنة؛ لان عزف الدف من السنة المأمور بها بالذات في المناسبات مثل الأعراس، وفي ذلك أحاديث مستفيضة، وحديثنا هذا يدل على مشروعية وحسن ذوق من غنى أو جاء بمغنيتين واحتفل في العيد بالدف. والدف آلة موسيقية إسلامية دعى لها المصطفى صلى الله عليه وسلم وهجرها المقلدة والمتنطعون
وأما كون المقصود بالمزمار الكلام فهو أدل وأقرب لحكمة أبي بكر وعلم عائشة ومنزلة النبي صلى الله عليه وسلم. في شرح الحديث من موسوعة الأوقاف السعودية في الانترنت: قَوْله : ( بِمَا تَعَازَفَتْ ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي أَيْ قَالَتْهُ مِنْ الْأَشْعَار فِي هِجَاء بَعْضهمْ بَعْضًا وَأَلْقَتْهُ عَلَى الْمُغَنِّيَات فَغَنَّيْنَ بِهِ، وَالْمَعَازِف آلَات الْمَلَاهِي الْوَاحِدَة مِعْزَفَة، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ عَزْف اللَّهْو وَهُوَ ضَرْب الْمَعَازِف عَلَى تِلْكَ الْأَشْعَار الْمُحَرِّضَة عَلَى الْقِتَال، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْعَزْفِ أَصْوَات الْحَرْب شَبَّهَهَا بِعَزِيفِ الرِّيَاح وَهُوَ مَا يُسْمَع مِنْ دَوِيّهَا، وَفِي رِوَايَة " تَقَاذَفَت " بِالْقَافِ وَالذَّال الْمُعْجَمَة أَيْ تَرَامَتْ بِهِ. يعني ثلاثة أقوال في المعازف: الأشعار، الغناء، والآلآت
فلعل الخليفة أبا بكر - رضي الله عنه - أراد هذا المعنى، وهو أن مزمار الشيطان هو الكلام المخالف هذا، المعزز للقبلية والعنصرية. وهذا يتوافق مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الربيع المشار له، ورده للكلام لا الغناء بل طلبه بالعودة للغناء دون الكلام المخل بالعقيدة من معرفة الغيب
اذاً، الاحتمال الأكبر أن أبا بكر رضي الله عنه أنكر الكلام بأنه مزمار الشيطان؛ لأنه كما سيأتي بيانه أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه صوت أبي موسى الأشعري بأنه من مزامير داود، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد جمال صوته ويريد مدحه. والحديث الآخر يدل على رفض النبي صلى الله عليه وسلم للكلام المنكر لا الغناء ولا المعازف (الدف هنا)، وهو يتوافق مع قول الامام الشافعي في كتاب "الأم" في كون الغناء بدلالة كلامه فحرامه حرام وحلاله حلال، أي اذا كان الكلام حلالاً فالغناء كذلك، واذا كان حراماً فالغناء فيه كذلك
وحتى على افتراض أن أبا بكر رضي الله عنه أراد المعازف والغناء التي كانت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فسيأتي بيانه في الاعتراض الثاني
٢- بالنسبة للاستدلال بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره فهذا من التحريف والفهم المعوج. كيف أقره وهو يقول له: "دعهما" أي اتركهما وما يفعلان. أي هذا الكلام غير صحيح يا أبا بكر بل إن ما يفعلانه جيد، كما في بعض الرويات "ليعلم الناس أن لنا عيداً". دعهما حتى لا يظن الناس أننا قوم بؤس وتعاسة لا غناء عندنا ولا فن ولا رقة ولا متعة، حتى لا يظنون أننا قوم مقاطعة وكراهية ونقد وبغض وحسد وتفضيل أنفسنا على الآخرين وشعب الله المختار .. "دعهما" .. قل لي بالله عليك يا من تقول بأنه أقره كيف أقره وهو يقول له "دعهما"؟!! العكس صحيح تماماً وهو أنه أنكر عليه إنكاره وصوبه، أو أنه طلب منه أن يتركهما يكملان مع ملاحظة أبي بكر رضي الله عنه في كون الكلام مخل قيمياً. هذا التوفيق جيد. وفيه دلالة خاصة وانهما كما في الروايات كملا الغناء والعزف لحين جاء عمر رضي الله عنه. فكيف يقره وهما مستمران في الغناء؟!!
ويجب القول بأن القول بان أبا بكر رضي الله عنه رد المنكر في بيت النبي صلى الله عليه وسلم قول فيه من قلة التادب مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع السيدة عائشة رضي الله عنها وارضاها، وههنا بعض الابانة
إن مقولة ان النبي صلى الله عليه وسلم اقر آبا بكر رضي الله عنه - مرة أخرى - مقولة خطآ من عشرين وجهاً آذكر قليلاً منها هنا: أولها: أنه رد قوله فقال له: "دعهما"، كما ذكرنا، وأدنى شخص يفهم العربية ولو كان اجنبياً لا يقول ان هذا اقرار، بل هذا رد وتصحيح ولربما ردع. ثانيها: ان القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم اقر كلام أبي بكر يعني أنه كان هو في الخطأ آو السيدة عائشة وكانا هما - والعياذ بالله - يستمعان لمزمار الشيطان!! فجاء أبوبكر رضي الله عنه فنبههما وصوبهما!! ومن يقول بهذا فهو. في منهج الإسلام، منحرف شاذ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم اكرم من أبي بكر رضي الله عنه رغم علو منزلته. وعائشة على صغر سنها - وليست طفلة كما سنبين - عالمة كبيرة وجليلة قال عنها الامام ابن حجر: "عائشة أعلم نساء الأرض إطلاقاً". ثالثاً: يريد المنحرفون في السيرة اثبات أن السيدة عائشة رضي الله عنها وراء هذا الموضوع، كما تعرض لنا بذلك أحد المشايخ الشيعة في الكويت - مع احترامي للشيعة الغالبية فهم أكارم وعقلاء لا يقولون بهذا الهراء - ليبرأ النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مردود لا نطيل فيه الكلام هنا؛ فالسيدة عائشة رضي الله عنها أشرف مني ومنك ومن كل من يقرأ هذه الكلمات. ورابعاً: فإن عائشة رضي الله عنها كما بينا في مقالات كثيرة لم تكن غير بالغة بل كانت في العشرينيات أو الثلاثينيات، وهي بعمر علي رضي الله عنه، وهي ممن شهد بداً ولم تكن متزوجة وقتها، ولم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم بحضور الصبيان الذين هم في السادسة عشر فكيف يسمح لبنت في العاشرة من عمرها!! وهذا ايضا دليل علي البغبغاءات الذين يكررون كلام الخطب والدوس ويقلدون دون التفحص، بل هذا يطعن في نزاهة وانسانية النبي الكريم، ان يكون يعاشر طفلة. فعائشة كبيرة هنا وتدرك. خامساً: أن النبي صلى عليه وسلم لم يقر كلمة أبي بكر بأن الدف أو الغناء مزمار، وان المزامير هي للشياطين، لانه امر بضرب الدف في المناسبات، وامر بالتغني بالقرآن، فاللفظ لا يقبل ان يأمر بشيء ويأتي مثله! سادساً: المزامير هي كتاب مقدس نزل على داود عليه السلام وهو موجود في الكتاب المقدس قبل الانجيل وبعد التوراة، والقرآن ذكره وسماه الزبور، وهو موجود حتى اليوم باسم "مزامير داود" يتكون من 150 اصحاحاً، وفيه 2,439 آية، و21,902 كلمة!! والآية التي استدل فيها القرآن بقوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) موجودة في كتاب مزامير داود بلفظ (الودعاء يرثون الأرض) ولفظ (الصديقون يرثون الأرض)، فدل على أن الزبور المقصود هو ما يسميه أهل الكتاب "مزامير داود" وهم يتغنون به في الكنائس حتى اليوم. سابعاً: لا يعقل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يقر بأن المزامير - جمع مزمار، آلة موسيقية - هي من أدوات الشيطان وهو يقول لصاحبه كما في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لأبي موسى وكان حسن الصوت بالقرآن لقد أوتي هذا من مزامير آل داود. (واللفظ للدارمي). فهل يقصد أن صوت أبي موسى من أدوات الشيطان؟! أم أنه يقصد أن هناك مزامير مذمومة ومزامير محمودة؟ والثاني واضح. ثامناً: وهي من السفه، أن يقال كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ويستمع من وراء ظهره وعائشة مستمتعة مع المغنيات النساء أو البنات فجاء أبوبكر رضي الله عنه وأنكر المنكر في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبوجود النبي!! أولاً هذا انحراف عقدي وفكري وخلل قيمي أن يعتقد ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم أكرم وأعظم وعائشة أكرم من أن يقال فيهما ذلك. ماذا تركتم للدنمارك ليقولوا؟! واخشيتاه أن يرسم هذه الفكرة رسام دنماركي! والاسوأ من ذلك ما قاله شيخ مرة في ديوان صديقي قيس البشر بأن عمر عندما دخل هربت الجاريتان؛ لأن الشيطان يفر من عمر!!! واخزيتاه! الشيطان جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة ثم مع أبي بكر فلما جاء عمر فر!! من علمكم العقيدة؟! والحديث يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجلس في مجلس فيه شياطين. إن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم كريم قبل دخول أبي بكر وعمر، وشريف، وليس فيه شياطين. من يقول هذا الكلام هو الذي عنده شياطين! اكتفي بالرد على هذا الكلام المغلوط والمعوج
٣- كون عائشة رضي الله عنها والجاريتين رضي الله عنهما كانوا صغاراً. فما الذي يعنيه ذلك؟ حلال على الصغار حرام على الكبار؟! طيب، تتبع منهج هؤلاء القوم تجدهم لا يسمحون للصغار بسماع الموسيقى أو الغناء بل لا يسمحون لهم بالغناء، وأتمنى أن أرى واحداً منهم يأتي لأهله الصغار سواء زوجته أو بناته بمغنيتين حتى ولو صغيرتين يغنون في بيته ولو في عيد!! لو وجدت أحد منهم عمل بهذه السنة فأخبرني حتى اتراجع عن منهجي هذا. لا يفعلون. لأن الأمر لا علاقة له بالدين. لا يغشونك. هم قالوها حتى صدقوها! وأما كون عائشة كانت صغيرة فهذا من الخلل الذي وقعت فيه الأمة وضحكت منه علينا الشعوب ووضعت النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في هذه الصورة البشعة. ما فيني لوم على الدنمارك! ومرة أخرى ليس صحيحاً أن الغناء للصغار فقط وإن كنت آقبل هذه المرحلة فهي أهون من الجماعة التي ترفضه جملة وتفصيلاً وترد الأحاديث وتأولها وتلي الأدلة فيها. وحديث الربيع واضح من كونهم كانوا يغنون في عرسها وينشدون الأشعار ويترجلونها. ولا يمكن لبنت صغيرة تدفف أي تعزف الدف وتغني وتنشد وتترجل الشعر. ولو وجدت واحدة لا يوجد كثير
٤- اعتراضهم بأنه لم يحل من المعازف إلا الدف. أولاً نرجو أن يعدد أهل هذا القول الآلآت الموسيقية المحرمة الموجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. لم يعرف العرب في مكة والمدينة سوى الدف (وهو الطار اليوم) والطبل وربما الناي والعود إلا قليلاً؛ فالعود يقال أن أول من أدخله الجزيرة سلمان الفارسي رضي الله عنه، غير أن هذا القول الشهير لا دلالة عليه رغم أنه يدرس في معاهد الموسيقى، ونقله أبوالفرج الأصفهاني، لكنه عرف في زمن الخلفاء واستنكره كثير من الصحابة، لكنه كان مقبولاً من الخلفاء، ولهذا لم يمنعوه أو يكسروه أو يخرجوه من مكة والمدينة، ويقال أن أول من ضرب العود في مكة هو ابن سريج، وكان ذلك في صدر الاسلام، وأن أول من سوق لتعليم العود في مكة هو ابن حارث (توفى 624م في زمن النبي صلى الله عليه وسلم)، ويقال في تاريخ الموسيقى أن المعازف شاعت في مكة حتى عزفت مائة قينة مرة (يعني سيمفونية متكاملة؛ لأن السيمفونية الصحيحة هي بمائة آلة؛ فالعرب سبقوا بها). وصار للفن قيمة في زمن عبدالملك بن مروان، اذ كان يعزف العود جيداً ويلحن وهكذا كان ابناوه سليمان ويزيد (يزيد بن عبدالملك ليس بن معاوية). وازدهر في زمن الخليفة العادل والملك المبجل الذي كان يحج عاماً ويجاهد عاماً وهو هارون الرشيد اذ اعز في حكمه ابراهيم الموصلي شهير العرب الموسيقي المعلم صاحب المقامات. ومن الخلفاء العباسيين مجموعة كذلك تعزف وتلحن
وكان اشهر العازفين العرب هو اسحاق الموصلي، المتقن، القدير، ومات في زمن المتوكل ونعاه الخليفة المتوكل قائلاً: ذهب صدر عظيم من جمال الملك وبهائه وزينته. والخليفة المتوكل هذا قال عنه الامام احمد بعد أن أخمد فتنة خلق القرآن الشهيرة: "المتوكل في بني العباس كعمر بن عبدالعزيز في بني أمية". وأشهر علماء العزف المسلمين هو زرياب، صاحب الفن الرفيق، تتلمذ على يدي ابراهيم الموصلي وابنه اسحاق، وهو أول من أدخل الوتر الخامس في العود، واستمر حتى فريد الأطرش الذي أدخل الوتر السادس، وكان زرياب عالماً، فقيها، شاعراً، أديباً، حجة في علمه، لما قدمه ابراهيم للخليفة هارون الرشيد أعجب فيه وقربه له، فغار منه اسحاق، قيل فهدده بالاغتيال فغادر الى قرطبة حيث كان استاذ أوربا الأول، ومنه كل فن أوربا الحالي، فلم تعرف أوربا الأوتار إلا به؛ لأن المسلمين كانوا يتقدمون الأمم في كل شيء، مثل ما تتقدم أوربا وأمريكا اليوم في كل شيء تماماً، وأخذ الغرب الفكرة وعملوا الهارب والقيثارة ثم القيتار ثم البيز وعشرات الآلآت الوترية
إن الدف بالنسبة للموسيقين اليوم والأمس هو آلة موسيقية لها نوتة وتدرس وتعزف، وهي التي كثير من الأحيان تضبط وزن الأغنية، كما كان في القرن العشرين بالذات مع المغنيين الأوائل وأم كلثوم. والعرب في مكة والمدينة أستوردوا الدف والطبل، وقبله النبي صلى الله عليه وسلم بل وأمر بضربه بالذات في المناسبات كما في حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين ويقلن
نحن جوار من بني النجار
يا حبذا محمد من جار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الله إني لأحبكن. (اللفظ لابن ماجه). هذا الحديث فيه عشرات الفوائد والمؤشرات كقولك لبنت أو امرأة (بتأدب) إني أحبكن، ومنها جواز ذكر القائد مدحاً والتغني له، ومنها جواز سماع الرجل للمرأة وهي تغني، ومنها جواز التغني في العلن، ومنها العزف بالدف، ومنها جواز غناء المرأة، ومنها جواز الغناء الجماعي .. الخ. نكمل، وحديث الربيع رضي الله عنها المتقدم وفيه أن النبي الأكرم جلس بالقرب منهن، واستمع، وصلح لهن لما أخطاوا بالإعتقاد (البخاري)، وفي حديث القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال (اللفظ لأحمد). وقوله في حديث الترمذي عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف. وجملة كبيرة من الأحاديث. وحديث عائشة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد (صحيح البخاري). قارن هذا الكلام في زواجات المتدينين اليوم تجده أبعد ما يكونون عن السنة، زواجاتهم أشبه بزوجات الهندوس، تسليم وعشاء ومحاضرة. صحيح أنه ما ترك قوم السنة إلا استبدلوها ببدعة
وغالب من يحرم الموسيقى لا يعمل بهذه السنة؛ لأن عداءه مع الموسيقى وليس تمسكاً بالسنة في الغالب. فهم غالباً يقلدون واتباع لمنهجية تسببت بجفوة وخشونة وعنف، ولو سمعوا الموسيقى، او عزفوا دفاً على الأقل أو سمعوا بنات تغني لخفت جفوتهم وترحموا بالناس، وما شغلوا أنفسهم بالحكم على عباد الله، وشغلوا صفحات النت بالقيل والقال وكثرة السؤال واضاعة المال، ولما صاروا في مؤخرة الشعوب، وأعظم من ذلك اقناعهم الناس بان ذلك سببه البعد عن الدين، ويقصدون بالدين منهجهم، ووالله لقد صدقوا بان سبب ذلك بعد الناس عن الدين، لكن ليس دينهم بل دين محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين كانوا يغنون وجواريهم او بنات حيهم يطربون ويدففون (لفظ صحيح البخاري) ويفرحون ويعلنون الأعراس التي هي عندنا في الكويت والسعودية اليوم مآتم، وكانت قبل ما يسمى بالصحوة على السنة، بفطرة الناس السليمة
٥- تحديد الغناء والمعازف بالمناسبات. وأنا شخصياً أرضى منهم ذلك، ومشكلتهم نصيون إلا في منهجهم يصبحون ظاهريين، أنكروا علي العلامة ابن حزم رحمه الله رده لرجم المحصنة يوم قال لهم وما نصف الموت في قوله تعالى (فنصف ما على المحصنات من العذاب) ما نصف الموت؟ إذا كان الرجم للمحصنة فما نصف الموت للجارية؟! الموت لا يجزأ. وكان رحمه الله أكثر الناس تمسكاً بالسنة ومع ذلك يقول على فراش الموت لابنه وجدت في كتاب الله كل مسألة إلا الإجارة، متأنب أن أموت وما وجدتها، فقال له ابنه: يا أبتي، ما أحلاك وأنت في هذا وتفكر في العلم، يا أبتي الإجارة من البيع المؤجل، والله يقول: (وأحل الله البيع وحرم الربا)، فابتسم ابن حزم وقال: الحمدلله، ثم مات بعدها مستريحاً! هذا الامام الذي كان يرى في كتاب الله ما يرى، هو الذي قال ما صح حديث في تحريم المعازف، وهو الذي أحل المعازف والغناء، مات وما على الأرض أحد بعلمه
وعلى كل فالمعازف أصلاً كلها بمناسبات، فهل الجنادرية مناسبة؟ هل العرس والزواج والخطوبة وكتب الكتاب مناسبة؟ هل الأعياد مناسبة؟ هل التحرير مناسبة؟ هل الاستقلال مناسبة؟ هل النجاح مناسبة؟ أليست كل هذه مناسبات؟! وتستحق الفرح والاعلان؟
وأنا أقول ما قلته لبعض المشايخ لما جعل من تحريم الموسيقى كتحريم القتل، قلت له: ألا يسعك ما وسع الخلفاء الراشدون والخلفاء الأمويون والعباسيون؟ هم سكتوا أفلا يسعك أن تسكت؟ بدلاً من شتم الناس والحكم عليها .. ألا يخيفك أن الله سبحانه غفر لعاهر من بني إسرائيل أشفقت على كلب وأحبط عمل عابد متكبر حكم على أخيه وقال له: لن يغفر لك وأنت في غيك؟! ألا يخيفكم أن أول الناس تسعر به النار يوم القيامة رجل قرأ القرآن، ورجل تصدق، ورجل مات وهو يقاتل، كلهم فعلوها ليقال لا لله، ألا يخيفكم أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى فعل ثلاثة متدينيين متنطعين استقللوا عمله فقال: من اعرض عن سنتي فليس مني
كفوا ألستنكم عملاً بما فعل الصحابة الذين حكموا مكة والمدينة والعراق والشام والأندلس وفارس وكلها آلآت من أولها لأخرها ولو وسع المقام لذكرت لك عشرة أضعاف من كبار الخلفاء والعلماء والمفكرين المحبين للغناء والمعازف أو يعزفون (ذكرتها في كتيبي "الغناء في الإسلام"). قل لهم: لماذا فعل ابن عمر هكذا بأصبعيه في زمن الخلافة الراشدة والخليفة تاركاً هذا المنكر الكبير؟ قل لهم: لماذا دخل ابن مسعود العراق يقول ما أجمل صوته لو كان في تلاوة القرآن ولم يكسر العود عليه وهو حاكم العراق؟ قل لهم لماذا يعمل هارون والمتوكل وعبدالحميد الثاني، وهم أقوى خلفاء الدول وأشرفهم، المسابقات والحفلات ويشجعون الفن .. لماذا فعل هؤلاء ذلك وهذا المنكر الكبير في حكمهم؟!
إن منهجم هذا أثمر القاعدة والسلفية الجهادية والتكفير والهجرة والحوثيين .. و(من ثمراتهم سوف تعرفهم) (الأنجيل) وهي في القرآن: (ومثلهم في الأنجيل كزرع أخرج شطآه فآزره فاستغلظ فاستوي على سوقه) (الفتح)، ثمراتهم: ١١ سبتمبر، أفغانستان، أحداث اليمن، العراق وغزو أفغانستان والعراق وقريباً الصومال واليمن، لا سمح الله. عدد ثمراتهم! احسب كم اختراعاً لهم في اليوم؟ أقصد في القرن؟ كم عمارة شيدوا؟ كم أرضاً آمنوا؟ كم تكنولوجيا ابدعوا؟ كم طفلاً أنفذوا في هايتي؟ كم بيتاً عمروا بعد سونامي؟ سؤالهم طوال الوقت: ماذا لنا؟ متى تحررونا؟ متى يا أوباما تنصر فلسطين؟ دعاؤهم على الناس بالهلاك أن يحصيهم الله عددا ويقتلهم بددا ولا يغادر منهم احدا .. من ثمراتهم سوف تعرفهم
أنا أقول: آن الأوان .. أن نعمل شيئاً .. إذا لم يكن الآن .. فمتى؟ إذا لم يكن نحن .. فمن؟؟
حبي وتقديري لموافقي ومخالفي .. للمخترعين والمخربين .. للمحبين والكارهين .. سواء

أحاديث واهية يتناقلها المحرمون وهي مكذوبة :


إن هذه الأحاديث التي سأذكرها تدلك على أن من يستشهد فيها إما يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أو يجهل. لقد أستدلينا بعشرة دلائل صحيحة لا ينكرها المسلمون ولا يختلفون فيها، ورددنا على حجج من استدل بأحاديث صحيحة لكنها غير صريحة بالتحريم، وذكرنا أقوال أهل العلم المعتبرين فيمن لم يروا في الغناء والآلآت حرجاً، ثم ذكرنا أمثلة من أخيار الناس ممن يستمعون الغناء و / أو الآلآت، ونسرد هنا أهم أشهر الأحاديث المتداولة التي ذكرها الشيخ عبدالله الجديع في كتابه القيم (الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام) تحذيراً من استخدامها:
١- "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" أعله ابن حزم في "المحلى"، وابن طاهر في "السماع" وابن القيم في "إغاثة اللهفان" والبيهقي في "شعب الإيمان" وابن رجب الحنبلي في "نزهة الاسماع" قال الشيخ الجديع: فحاصل ما تقدم أن هذا الحديث لا يثبت عن ابن مسعود لا مرفوعاً ولا موقوفاً. ومثله حديث "إياكم واستماع المعازف والغناء، فإنهما ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، ومثله "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع،، وأمثاله كلها أحاديث واهية، ولو كان ينبت النفاق ما رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تركهم يفعلونه.
٢- "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الدف ولعب الطبل (وفي موضع الصنج) وصوت الزمارة". قال الشيخ الجديع: حديث ضعيف جداً.
٣- "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان". حديث منكر. ومثله "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة". من طريق أنس ضعيف ومن طريق ابن عباس كذب.
٤- "بعثني الله رحمة للعالمين وبعثني لمحق المعازف والمزامير" وأمثاله. بعض طرقه منكرة والأخرى ضعيفة جداً.
٥- "إنما نزلت هذه الآية في ذلك: (ومن الناس يشتري لهو الحديث)" يعني في المغنيات. حديث منكر وسنده واه ويرويه المناكير، ومثله كل ما ورد في بيع القينة وحرمتها.
٦- "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغناء والاستماع إلى الغناء ..". حديث منكر. قال الشيخ الجديع في تحقيقه لهذا الحديث: أورد يعقوب بن سفيان بعد عبارته المذكورة في الهلكى الذين عد فراتاً فيهم، بإسناد صحيح عن الإمام عبدالرحمن بن مهدي قال: "لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة الأحاديث الضعاف، فإن أقل ما فيه أن يفوته ما يكتب من حديث أهل الضعف أن يفوته من حديث أهل الثقات". قلت: إذا كان مجرد كتابتها وروايتها فكيف بالاحتجاج بها؟!
٧- "نهى عن المزمار ونهى عن الدف والكوبة ونهى عن الرقص ونهى عن كل ذي وتر ونهى عن اللعب كله .. ونهى عن الغناء ونهى عن الاستماع إلى الغناء .. ". حديث موضوع وأمثاله.
٨- "لعن الله المغني والمغنى له". لا أصل له. يذكره الجهلة والمناكير.
٩- "إن الله يبغض صوت الخلخال ... لا تلبس خلخالاً ذات صوت إلا ملعونة". حديث مضطرب ومتنه باطل.
١٠- "من جلس إلى قينة فسمع لها صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة". حديث منكر.
١١- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة والمغني والمغنى له". حديث منكر.
١٢- أحاديث الحديث بين الله وأبليس وأن قرآنه الشعر والغناء .. الخ. أحاديث خرافة.
١٣- "إن الله يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطبة أو كوبة". لا أصل له يرويه الجهلة.
١٤- "يكون في هذه الأمة خشف ومسخ وقذف في متخذي القيان وشاربي الخمر ولابسي الحرير". ضعيف جداً، ومثله: "إذا ظهر الترد والمعازف ،شرب الخمور ولبس الحرير"، موضوع.
١٥- "ليستحلن ناس من أمتي الحرير والخمر والمعازف وليأتين على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير". ضعيف.
١٦- "إذا اتخذ الفىء دولاً، والأمانة مغنماً ... وظهرت القينات والمعازف ..". حديث منكر، ومثله "إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة ..". حديث باطل.
١٧- "استماع الملاهي معصية، والجلوس عليها فسق، والتلذذ بها كفر". حديث كذب لا أصل له.
وينبغي لمن يروي الأحاديث أن يتحرى الصدق، فلا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، وفي الحديث أيضاً "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (رواه مسلم وابن ماجه وأحمد وآخرون)، ومن عرف أن هذه الأحاديث واهية ومكذوبة وجب عليه الكف عن روايتها ونقلها، ولو كانت في بحثه أو صفحته وجب عليه مسحها، ولو كانت لتعليق له وجب عليه مسحه والاعتذار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللبشرية من فعله.

الرد على ادلة المحرمون للغناء والموسيقى من الكتاب والسنة

استند المحرمون على أقوال شهيرة، مثل قال رجل لابن عباس -رضي الله عنهما: ماتقول في الغناء، أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب الله فقال: أفحلالٌ هو؟ قال: ولا أقول ذلك ثم قال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة؛ فأين يكون الغناء؟، فقال الرجل: يكون مع الباطل، قال له ابن عباس: اذهب .. فقد أفتيت نفسك. ومثل قول الإمام ابن القيم رحمه الله: "إنك لا تجد أحدا عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علماً وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء". وقال عن الغناء: "فإنه رقية الزنا، وشرك الشيطان، وخمرة العقول، ويصد عن القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه". وقال في نونيته رحمه الله:
حب القرآن وحب ألحان الغنا
في قلب عبد ليس يجتمعان
والله ما سلم الذي هو دأبه
أبدا من الإشراك بالرحمن
وإذا تعلق بالسماع أصاره
عبداً لكـل فـلانة وفلان
التحقيق: إذا كان يوم القيامة فالناس لا تدخل الجنة والنار بحسب سماعها للموسيقى أو الغناء من عدمه! إن هذه المسألة أعلى وأكبر لمن استدلوا بذلك، وإذا صح هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنه فلا يمكن يقصد به أن الغناء يدخل جنة أو ناراً، والعياذ بالله، فهذا يخالف ما يعتقده المسلمون سنة وشيعة وغيرهم؛ فالناس لا تدخل الجنة بأعمالها بل برحمة الله وتفضله، ومن خلال اعتقاد المرء. وإذا كان يوم القيامة فالغناء سيكون مع أهل الحق ومع أهل الباطل، وسيرافق أهل الحق في الجنة، قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) (الروم/15)، أي يغنون. والغناء لا يرافق أهل الباطل إلى النار؛ فالغناء ليس من بيئة النار، ولا من صنيع أهله يوم القيامة، والعياذ بالله، ولكنه من صنيع أهل الجنة. وهذا القول، على أية حال، ضدهم ليس معهم؛ فهذا ترجمان القرآن يقول ليس في كتاب الله ما يحرم!! ولم يحرمه. فحري بمن قال بالتحريم أن يقال عنه أنه خالف ترجمان القرآن الذي قال: لا أقول أنه حرام!
حديث ابن عمر أنه سمع صوت زمارة راع، فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا، فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راع، فصنع مثل هذا" (رواه أبوداود).
التحقيق: وهذا من أوهن الحجج. وسمعت مرة شيخاً صديقاً لي في الديوانية يسرد الأحاديث ويطيل في التحريم فذكر هذا الحديث، فسألته: متى يا شيخ تم هذا الكلام؟ في أي عصر؟ فقال: ربما في عصر أبي بكر أو على الأرجح عصر عمر رضي الله عنهم جميعاً. فقلت له: ولم يسع عمر بن الخطاب الخليفة أن يمنع هذه المحرمات في خلافته؟! هل عجز عن منعها أم تهاون فيها؟ أم أنها كانت مباحات لا خلاف فيها. والحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عملها، يعني وضع أصبعيه في أذنيه، ولم ينكر على الراعي، ولم ينكر ابن عمر علي الراعي!! والنبي صلى الله عليه وسلم رسول يعتد بأفعاله وإقراره، وابن عمر معروف في الصدع بالحق حتى مع الخلفاء، فلما توقف عن الإنكار؟! مثله قولهم: سمع ابن مسعود رضي الله عنه في العراق رجلاً يغني (يقصدون مالك بن دينار) فقالك ما أجمل صوته لو كان في تلاوة القرآن. أيقول حاكم العراق هذا الكلام في منكر عظيم؟! فقط؟؟ هذا ما وسعه! أفلا يسعكم إذاً أن لا تحرموا وتقولوا ما يقوله ابن مسعود ويحكم به عمر ويفعله ابن عمر؟!! هذا الحديث حجة علي من حرم الغناء والمعازف، فهو يدل على وجود المعازف بين المسلمين في الخلافة الراشدة وفي العراق تحت حكم الصحابي الجليل اين مسعود الذي قال عنه عمر لآهل العراق: لقد آثرتكم بعبدالله بن مسعود. فهذا والحمدلله يشير لوجود زمارة في عصر الخلافة وعصر النبي صلى الله عليه وسلم دون إنكار على الراعي ولا منع. فمن منع زمارة أو أنكر على عازف أو راعي فقد عمل بخلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه. فلا حجة بهذا الأثر وأشباهه من أقوال بعض الأصحاب.
وحديث "بئس الكسب أجر الزمارة"، وفي لفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الزمارة. (رواه البيهقي). قالوا ولفظ "نهى" أو "بئس الكسب" دليل التحريم.
التحقيق: روى الإمام مسلم في (صحيحه): "شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام" وفي رواية: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب وعسب الفحل" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. وفي صحيح مسلم وغيره: "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر" .. وفي الباب الكثير. ففقه هؤلاء المحرمين أنالحجامة حرام! لأن النهي ورد في كسبه! والكلب حرام. والنذر حرام. ولا يقول بهذا أحد رغم أن العلماء اختلفوا في كسب الحجامة وثمن الكلب .. الخ. فكون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كسب الزمارة لا يعني تحريم المعازف! هذا فقه معوج.
وعلى أية حال فالزمارة لها معنيان عند العرب وأهل الحديث:المعنى الأول أنها المغنية، فإذا كان هذا المعنى فإنه يعني أنه ورد النهي في التكسب من المغنية، مثل ما ورد النهي في التكسب من الحجامة، وكلا الأمرين مباحان في الأصل، أي المغنية والحجامة؛ لأننا ذكرنا أحاديث المغنيات في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت غيره في وقته وإقراره بل وطلبه من عائشة أن ترسل للعروس مغنية تلهو لأن الأنصار يحبون اللهو، كما ذكرنا في الحديث الصحيح. والمعنى الثاني، وهو ما رجحه أبو عبيد القاسم بن سلام: "قال الحجاج (شيخه ابن محمد المصيصي): الزمارة الزانية"، وهذا لاشك في حرمته، قال تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور/ 33). وكلا المعنيين ذكرهما الجاحظ. وسواء ذهبت مع المعنى الأول أو الثاني فلا دليل على الحرمة ألبته.
هذه أقوى الأحاديث على ما وجدت التي استند إليها من يرى بالتحريم، فقارن بين ما ذكرناه من القوة والوضوح في الحلال وبين التأويلات الصعبة والتركيبات والتي لم تدل على التحريم، بل على فهم هذا الإمام أو ذاك، مع التقدير والاحتزام لآرائهم، لكن لا يلزمنا من كان في قول عالم أو شيخ، ما لم يأتي بالدليل المقنع والواضح، فنحن أحرار نختلف عن جموع كبيرة من أتباع الأديان، بما فيهم غالبية المسلمين اليوم، لا نتبع عمياناً بل ما وجدناه مدعماً في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قبلناه، وما لم نجده حكمنا رأينا ومصلحتنا وقلوبنا، مع تقديرنا لمن رأي الحرمة، ونتأول له صلاحه وحسن نيته وورعه وخشيته، ونرجو الله أن يكافأه على نيته. ولما ذكرنا العلماء في هذه المقالة فإننا لم ولن نقصد أن ننزل من مكانتهم، بل العكس، أنزلناهم منزلتهم، فهم بشر، يخطئون، ويتجاوزون، ويسهون، ولهم بذلك الأجر حتى إذا أخطآوا، ومنزلتهم عالية وكريمة بالذات الشيخ الألباني والإمام بن تيمية وابن القيم، فهؤلاء ممن تأثرت بهم ولا زلت، وتعلمت منهم ولا زلت، وعكفت الساعات والليالي أقرأ لهم ولازلت، لكن كل يؤخذ من كلامه ويرد، وهذا مما يرد، وإلا صاروا، كما هم عند البعض، أنبياء مجردون من الخطأ، فأنزلناهم منزلتهم في الاجتهاد لا التشريع ولا الحق في ذلك. والمشرع هو الله ومن خلال كتبه وأنبياءه، والله أعلم.
حديث الجاريتين عند البخاري ذكرته كأول دليل على حلية الغناء، قالوا: دليل حرمته إنكار أبي بكر وإضافة المزمار إلى الشيطان. وهذا دليل على الحرمة.
التحقيق: ولقد رددنا على من قال بذلك، وهو لو كان يقصد فعلاً أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وحاشاه، يرد على النبي صلى الله عليه وسلم أو يصوبه، فهذا الاعتقاد يخشى فيه على دين المرء! فالنبي صلى الله عليه وسلم رد أبا بكر، ولم يقره بهذا الكلام، وقال له: "دعهما"، وهو الأمر الذي استمر واكملتا المغنيتان الجاريتان غناءهما في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شرحناه بتفصل في الدليل الأول في الجزء الأول. وما عمله النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه عمله مع عمر رضي الله عنه كذلك ولم يقره؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم، إذ دخل عمر بن الخطاب، فأهوى إلى الحصباء يحصبه بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعهم يا عمر" (متفق عليه. البخاري (2745)، ومسلم (893))، حتى لا يقال أن عمر لا يلتقي معه الشيطان لكن الشيطان يلتقي مع رسول الله وعائشة!! والعياذ بالله من هذه العقيدة غير السوية.
حديث: "سيكون في أمتي الخسف والمسخ والقذف"، قال: قلت: فيم يا رسول الله؟ قال: "باتخاذهم القينات، وشربهم الخمور" (رواه ابن أبي شيبة مرسلاً)، وفي رواية: "إذا ظهرت المعازف والخمور ولبس الحرير" (رواه ابن أبي الدنيا واللفظ له، والترمذي، والحديث صححه الشيخ الجديع وذكره الإمام ابن حزم في "المحلى"، والرواية عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فقيهة الأمة وركن سنتها.
التحقيق: أولاً لاحظ أن الحديث قلنا ذكره ابن حزم، وقلنا صححه الجديع، والرواية عن عائشة! هل يعقل أن تروي هذا الحديث عائشة وترى حرمة القينات (المغنيات)، وهي التي في بيتها قينات (مغنيات) وبشهادة وإقرار وحضرة النبي صلى الله عليه وسلم؟! (تقدم في الدليل الأول، صحيح البخاري). لاشك أن في الموضوع أمراً، وهو واضح جليّ، فلفظ الظهور يُقصد فيه الكثرة والانتشار، وإلا فالقينات وشرب الخمور موجودة في كل الأزمان بما فيها زمن النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة. وموجود في كل زمن منذ زمنه إلى اليوم. فلو أن إنساناً كانت حياته كلها معازف أو كلها فيس بوك وإنترنت أو كلها لعب كرة قدم، وهذا كله صعب في غالب الناس، لكان حراماً لأنه بذلك يضيع مصالحه ومصالح من يعول، ويضيع رسالته. ومن ذا الذي يفعل ذلك من الأكارم الذين سنذكرهم لاحقاً بما فيهم عائشة رضي الله عنها والجديع وابن حزم؟؟!! لم أعرف مغنياً من المغنين الأفاضل ولا من الملحنين الأفاضل، وهم أصحاب الاختصاص، إلا رأيتهم يحترمون أوقات الصلاة ويؤدونها، ويقومون بأعمالهم، ويرعون أسرهم، ويعيشون رسالاتهم في الحياة من صناعة الجمال، وإضافة الرفق واللين، ونشر المعين في الطبائع. ولو كان نص الحديث "باتخاذهم القينات" فقط لقوى، ولكن حتى لو كان نص الحديث "المسخ والقذف إذا ظهرت المعازف" فلا يدل على التحريم. مثل لو قال "إذا تطاول الناس بالبنيان" فلا يعني حرمة تطاول البنيان، بل 90% ممن يرون التحريم مبانيهم طويلة! فلا دلالة على التحريم. ومعنى الحديث أن من أشراط قيام الساعة (المسخ والقذف والخسف) أن ترى انتشار المغنيات وشرب الخمور، وفي أحاديث أخرى تطاول البنيان وتحدث الحديد وكثرة الأموال وكثرة الكتابة .. الخ، وليست كلها حرام، بل بعضها جميل وإيجابي.

مناقشة أدلة من يرى تحريم الغناء والموسيقى

قالوا في الاستدلال بالتحريم:
١- يقول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان/6)، قالوا: قال ابن مسعود رضي الله عنه: هو والله الغناء. ولهذا فالغناء حرام لأنه يضل عن سبيل الله.
والتحقيق: لم يرد في أي من قواميس العرب ولا لغتهم أن معنى "لهو الحديث" الغناء، رغم أن البعض قد يرها كوسيلة للهو الحديث. قال الجوهري: اللهو: اللعب. وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي: اللهو: ما شغلك من هوى وطرب. وقيل: النكاح، قال إمرؤ القيس:
ألا زعمتْ بسياسة اليوم أنني
كبرتُ وأن لا يُحسن اللهو أمثالي
وقيل: المرأة، وفسروها بقوله تعالي: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء/17). وفي لسان العرب: للَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهم، وفيه أيضاً: وقد يكنى باللَّهْوِ عن الجماع. وفي سَجْع للعرب: إذا طلَع الدَّلْوُ أَنْسَلَ العِفْوُ وطلَب اللَّهْوَ الخِلْوُ أَي طلَب الخِلْوُ التزويجَ. واللَّهْوُ: النكاح، ويقال المرأَة. قال ابن عرفة في قوله تعالى: لاهيةً قُلوبُهم؛ أَي مُتشاغِلةً عما يُدْعَوْن إِليه، وهذا من لَها عن الشيء إذا تَشاغل بغيره يَلْهَى؛ ومنه قوله تعالى: فأَنْتَ عنه تلَهَّى أَي تتشاغل، وفيه أيضاً: وقيل: اللهوُ كلُّ ما تُلُهِّيَ به، لَها يَلْهُو لَهْواً والْتَهى وأَلهاه.
ولاشك أن المعازف والطرب والأغاني من اللهو، وكذا الفيس بوك والإنترنت والتلفزيون والمسرح ولعب كرة القدم والورق واللعب مع الأولاد والأهل والأصحاب وصيد السمك .. كل ذلك لهو، وهو يشكل غالبية ما تعمله في يومك. والآية الكريمة عامة تعني أنه من الناس من يشتري أي يدفع ويتعب ويشتري لهو الحديث وذلك بنية الصد عن سبيل الله واتخاذ آيات الله هزواً، فهذا لو عملها بموسيقى أو غناء أو فيس بوك أو محاضرة أو يوتوب أو كتاب أو شيء من ذلك فهو محرم ويؤدي لعذاب مهين. ولا تعني أن من استخدم الغناء والموسيقى فهو في عذاب مهين، وأن من صد عن سبيل الله واتخذ آياته هزواً فله ذلك! كلا، بل أي وسيلة تستخدم بنية الصد عن سبيل الله والاستهزاء بآيته فهي منكرة هنا، ولذا فالآية عامة.
وحتى تعرف معنى كلام ابن مسعود رضي الله عنه فهو من القدماء في الإسلام وشهد نزول الآيات من أوائلها وعليم بها، لهذا روى هنا سبب نزول الآية، حيث كان بعض كفار قريش يتعمدون في شراء الجواري المغنيات ويأتون بهم في أوقات يتلو ابن مسعود القرآن أو يتحدث صحابي في الدعوة ليحولون دون سماعهم. فهؤلاء الكفار الذين يشترون الجواري المغنيات بنية الصد عن سيبيل الله أو اتخاذ آيات الله هزواً فسيؤدي لهم ذلك إلى العذاب المهين. أما شراء الجواري اللاواتي يغنين فلا حرج، وقد فعلها كثير من الصحابة، كما سأذكره في فصل لاحق بإذن الله، ومنهم أمير المؤمين عبدالله بن الزبير رضي الله عنه: قال إمام الحرمين وابن أبي الدم: إن الإثبات من أهل التاريخ نقلوا أنه كان لعبد الله بن الزبير جوار عوادات. وإن ابن عمر دخل عليه فرأى العود فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله له فتأمله ابن عمر وقال: هذا ميزان شامي فقال ابن الزبير: توزن به العقول. نيل الأوطار للإمام الشوكاني (8/104) وترتيب المدارك للقاضي عياض (2/134) وإيضاح الدلالات لعبدالغني النابلسي (ص 15) وإبطال دعوى الإجماع للشوكاني (ص1). وسنأتي لها لاحقاً إن شاء الله، ونذكر مصادرها.
ولا يعقل أن يخالف ابن مسعود رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي سمع الغناء والدف وفي بيته ومجتمعه وأمر به في مواقف ذكرناها في الأجزاء الأولى. ولو خالف ابن مسعود، وحاشاه، لردينا قول بن مسعود بقول وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أولى بالاتباع والاقتداء. ويكفيك كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأمره لعائشة في زواج قريبتها: "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" (رواه البخاري وغيره، وتقدم في الأدلة). فلا يعقل أن يأمر باللهو والله يوعده بالعذاب المهين؟! هذا قلة علم وقلة تأدب في حق النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم الأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقى

حكم الأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقى فهو كالأتى: 
صح أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد سمعوا الشعر وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم، في سفرهم وحضرهم، وفي مجالسهم وأعمالهم، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع وأنجشة رضي الله عنهم ، وبأصوات جماعية كما في حديث أنس رضي الله عنه في قصة حفر الخندق،
قال: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة. فقالوا مجيبين: نحن الذين بايعوا محمدا، على الجهاد ما بقينا أبدا" (رواه البخاري 3/1043). وفي المجالس أيضا؛ أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين، كانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم، وينكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم عن شيء من دينه دارت حماليق عينه" (مصنف ابن أبي شيبة 8/711).
فهذه الأدلة تدل على أن الإنشاد جائز، سواء كان بأصوات فردية أو جماعية، والنشيد في اللغة العربية: رفع الصوت بالشعر مع تحسين وترقيق (القاموس المحيط).

لا يصح على تحريم الغناء و المعازف بالاطلاق لأن الذم هنا فيمن اشترى لهو الحديث للاغراض الخبيثة كالاضلال عن سبيل الله


أنواع الموسيقى و الغناء كثيرة ..... و في الاسلام لا يوجد ما يسمى بالموسيقى الدينية و اللادينية
فهناك الموسيقى الملتزمة بغض النظر عن نوعها سواءا اكانت روك - بوب - ميتال - نشيد - قصيدة - ابتهال - كوالي - فيلمي - راجا - جاز لاتيني - روك لاتيني ..... و هناك الموسيقى غير الملتزمة بغض النظر عن نوعها سواءا اكانت روك - بوب - ميتال - نشيد - قصيدة - ابتهال - كوالي - فيلمي - راجا - جاز لاتيني - روك لاتيني
و كذلك الغناء .... فالمقصود بالالتزام هو الالتزام بأحكام الدين الاسلامي و عقائده و اخلاقه في الغناء و الموسيقى
لأن الاغنية او الموسيقى ( العزف ) إن خالفا الشروط الشرعية الاسلامية صار حراما و ان التزم بالشروط الشرعية و لم يخالفها بقي على الحكم الاصلي الذاتي و هو الاباحة
و الادلة التي اوردها ( و الله متم نوره ) Remember Allah ..... ما هي الا ادلة تبين لنا ان التحريم ليس على المعازف و الغناء و انما على طريقة استعمال الغناء و الموسيقى و الغاية منه
فهناك من يضل عن سبيل الله في الغناء و الموسيقى و هذا امر مشاهد معلوم معاين محقق لا انكار فيه
و هناك من يهدي الى سبيل الله في الغناء و الموسيقى و هذا امر مشاهد معلوم معاين محقق لا انكار فيه
فمن يطرب الناس بطرب حلال نظيف خالي من الفواحش و المنكرات و فيه الفضيلة و الخلق الحسن يختلف عن من يطرب الناس بطرب حرام قذر كله منكرات و فواحش او جزء منه
و قول الله تعالى : ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين))
[سورة لقمان: 6] لا يصح على تحريم الغناء و المعازف بالاطلاق لأن الذم هنا فيمن اشترى لهو الحديث للاغراض الخبيثة كالاضلال عن سبيل الله اما من اشتراها ليرفه الناس بها ترفيه مباح خالي من المنكرات و الفواحش فهذا لا يدخل في الاية و انما ذمت الاية من شتري لهو الحديث لاغراض خبيثة
و دليل كلامي و جود الكسرة على حرف اللام الذي تؤكد بأن الام لام تعليل و سبية و ليس لام عاقبة كما يقول الواحدي في تفسيره بغض النظر عن القراءة سواءا اكانت بقراءة حفص ام ابن كثير ام غيرهما
و الدليل الثاني : ((واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ))[سورة الإسراء:64]
بتفسير ان صوت الشيطان بالغناء و المعازف تفسير ضعيف و ضيق
لأن التفسير الصحيح هو ( كل داعي الى معصية ) و نقول ان المعازف و الغناء إن دعت الى معصية و منكر مثل الاغاني الدارجة في الغزل الساقط و العشق المنحط كانت من صوت الشيطان و كانت محرمة و إن كانت لا تدعو الى معاصي و منكرات و كانت تدعو الى الفضيلة و الخلق الحسن كانت من صوت الرحمن و نسبت اليه كأن تقول ( ارض الله و ناقة الله و خلق الله ) مثل اغاني و اناشيد سامي يوسف و ماهر زين و مشاري بن راشد العفاسي سواءا اكانت بالمعازف او بدون معازف او كانت معازف مجردة عن الكلمات الجميلة
اما بالنسبة لحديث البخاري 3) روى الامام البخاري في صحيحه ( رقم 5268 ) , قال حدثني ابو عامر او ابو مالك الاشعري , و الله ما كذبني , سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( ليكونن من امتي اقوام يستحلون الحٍرَ و الحرير و الخمر و المعازف , و لينزلن أقوام الى جنب علم يروح بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة , فيقولون ارجع الينا غدا , فيبيتهم الله و يضع العلم و يمسخ آخرين قردة و خنازير الى يوم القيامة ) ( صحيح )
فالحديث صحيح و أخطأ ابن حزم في تضعيفه و رد ذلك عليه ابن صلاح ...... و لا يصح الحديث في تحريم المعازف بالاطلاق كما يدعي الكثيرون انما غاية التحريم هو ان تستعمل في المنكرات و الفواحش القطعية فهم يستحلون المعازف بالاطلاق حتى مع الخمر و الزنا لأنهم من قبل قد استحلوا الخمر و الزنا فمن الطبيعي ان يستحلوا المعازف بالاطلاق دون شروط و لا ضوابط
فالمعازف مباحة بشروط و ضوابط و لاكن هؤلاء يستحلون المعازف و يبيحونها دون شروط و لا ضوابط لأنهم قد استباحوا الخمر و الزنا من قبل او من بعد ..... ثم ان التحريم على المجموع و ليس على كل واحد بإنفراد لأن ذلك يحتاج الى نص يبين حكم كل شيء على انفراد و لولا الادلة الاخرى المتواترة من الكتاب و السنة الصحيحة المتواترة ما علمنا بتحريم الخمر و الزنا و التفصيل في حكم الحرير ...... هذا ان كان الشأن في الخمر و الزنا و الحرير فكيف في المعازف الذي هذا اقوى دليل يستدل به المحرمون على التحريم و لا يصح الاستدلال به على التحريم الذاتي المطلق و لاكن يصح الاستدلال به على تحريم جمع و إقران المعازف مع المنكرات كالخمر و الزنا و ما شابههم و بيان وعيد و عقوبة على هذه الطائفة ...... و بالنسبة لقاعدة (لا يجتمع محرم و مباح في الوعيد ) قلت .... لا يصح تطبيق هذه القاعدة هنا لوجود الحرير و لوجود كلمة اقوام في الحديث و لأن الحديث حديث أخبار و لا يصح ان يكون من احاديث الاحكام فلو اردنا ان نعتمد على هذا الحديث في التحريم لحرمنا بيع الحرير و صناعته و لبسه للنساء و اليسير منه للرجال و لبسه للرجال في حال الحكة و الحرب و الاستشفاء و حرمنا استعماله في غير اللبس و لا يصح ذلك ابدا لوجود احاديث اقوى من هذا الدليل تدل على ان الحال العام للحرير هو الاباحة و التحريم استثناء و طارئ عارض و هو تحريم لبس الرجال للحرير الا اليسير منه او في حالة استثنائية لمن يعانون من حكة او في الحرب او للاستشفاء ..... فكل هذه المعلومات ما كنا لنعلمها من حديث البخاري .
- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صوتان ملعونان في الدنيا و الاخرة : مزمار عند نغمة , و رنة عند مصيبة ) (ضعيف ) اخرجه الامام البزار في ( مسنده ) ( 1\ 377\ 795 - كشف الاستار ), تحريم الالات الطرب للالباني رحمه الله صفحة 50 .
فهو حديث ضعيف ولايحتج به هذا من ناحية السند اما من ناحية المتن فالمزمار هنا لا يعني المزمار الذي من المعازف .... لا بل ان الحنجرة البشرية تسمى مزمارا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : لقد أتيت مزمارا من مزامير ال داوود ) و ليس المقصود هنا كل مزمار ..... بل المقصود هنا المزمار الذي يرافه منكرات و معاصي مثل المعازف التي ترافق الخمر و الزنا و القمار و التعري و التي ترافق غناء يحتوي على كلمات فحش و منكر
اذ ان كان كل مزمار عند او نغمة او نعمة كما في بعض الروايات ملعونا لكان من يقرأ القرأن ملعونا و من يغني الغناء الحسن الملتزم ملعونا و هذا باطل و خطأ
فالرنة عند لمصيبة هي اللطم الخدود و شق الجيوب و النواح مع البكاء او دون البكاء ..... اذ ان البكاء يكون من رنة .... و البكاء ليس محرما في الاسلام كما هو مستيقن من دين الله ...
اما قول ابن تيمية فمردود عليه مع جلالته و قدره و احترامنا له ..... لأن اللذة قد تكون موجودة في غير الخمر و تكون اعظم من الخمر ثم ان كان للخمر لذة فاللذة الحاصلة ليست اصلها من ذات الخمر انما هي من الثمرة الطيبة التي صنعت منها الخمر كالعنب و التمر و الذرة و القمح .... فهناك الكثير من الاشربة الطيبة الحلال تسبب لذة اكبر و اكثر بكثير من لذة الخمر هذا ان افترضنا ان الخمر لذيذة و ما هي كذلك ابدا في الحقيقة
ونقول ان صوت القرأن و الصوت الصادر من الحنجرة البشرية و صوت العصفور يسبب طرب و الانسجام مع الالحان ليس هو الاسكار و لا يستويان و لا يتساويان و هذا من قلة التمييز بين الربا و البيع فالبيع يشبه الربا و الربا يشبه البيع و لاكن حكمهما مختلفين تماما مثل الماء الملوث و مثل الماء الصافي النقي
اما ان المذاهب الاربعة اتققت على تحريم الالات الطرب فهذا خاطئ و باطل و لم تتفق المذاهب الاربعة على تحريم الالات الطرب بالاطلاق (اي انها محرمة بالاطلاق لا بالتقييد ) هذا اولا ثانيا المذاهب الاربعة لا تمثل الاسلام و المسلمين فإن اتفاق المذاهب الاربعة لا يمثل اجماع الامة , ثالثا المذاهب الاربعة و غيرها و الامة كلها اتفقت على ان كل يأخذ منه و يترك الا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن وجدنا بعد البحث و نحن و كثير من علماء الاسلام الذين لا يعدون و لا يحصون و لا حصر لهم ان المعازف ليست مباحة بالاطلاق و لا محرمة بالاطلاق .... و الراجح فيها بل الصواب انها مباحة بشروط و ضوابط و ان التحريم فيها طارئ عارض و ليس حكما اصليا و الحكم الاصلي الذاتي فيها هو الاباحة ( الحل )
اما قولك عن الله تبارك و تعالى : يقول الحكيم، ذو الجلال والإكرام:-((..وتعاونو على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديــــد العقـــــــاب))..
.::سورة المائدة، آيه2::.
فالمعازف ان رافقها منكرات و اعنا على ذلك فهو من التعاون على الاثم اما ان لم يرافقها منكرات فهو من باب المباح او التعاون على البر و التقوى لأن المعازف ان لم يرافقها منكرات من القول و الفعل كان ذلك من التقوى من ان تجعل المعازف لا ترافق المنكرات
اما قولك : يا إخوه لا تعاونوا على المحرمات ونشرها، فتكفي ما كسبنا ونكسب من ذنوب الله المستعان...
واعلموا يا أحبة ان حبيبكم رسول الله(صلى الله عليه وسلم) قال، فيما معنى الحديث:-(( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )) أو كما قال علية الصلاة والسلام..
فلا تجاهر أخي الغالي بالسؤال عن منكر أو حــرام...
ويحرم شرعاً علينا مساعدة أحد الأخوه أو الأخوات على منكر وحـــرام..
فنرد عليه : قلت ان تعاون الناس على تداول الاغاني و الموسيقى الساقطة المنكرة هو الحرام اما التعاون على نشر الاغاني و الموسيقى التي تدعو الى الفضيلة و ترفيه الناس ترفيه مباح ليس مما يجعلنا ابدا مما نكسب الذنوب .... بل سنكسب الحسنات ..... و مثال ذلك بالجماع فإنك ان جامعت زوجتك فإن لك اجر و ان جامعت امرأة اجنبية لا تحل لك فعليك وزر ..... كذلك المعازف ان استعملتها في منكر و معصية او في بدعة كان عليك وزر و ان استعملتها في طاعة و ترفيه مباح و دعوة للخير كان لك اجر ليس بإعتباره امر تعبدي شعائري بحت كما يفعل غلاة الصوفية بل هو طاعة و عبادة بإعتبار حسن النية في استعماله استعمال مباح اذ ان سماع الصوفية منكر و بدعة
و كما قلنا ان المجاهرة بجمع المعازف مع المنكرات امر منكر
و ان العزف بالمعازف بما يرضي الله و ما لا يسخطه فهو مجاهرة بمباح و المجاهرة بالمباح ليس بالامر المنكر الا في حالات معينة مثل افشاء الاسرار الجنسية الزوجية الخاصة بين الزوج و الزوجة و هذا الكلام لعامة الناس اما النبي صلى الله عليه و سلم و زوجاته كانوا يقولون للناس ما يحدث بينهم و بين رسول الله اثناء الجماع ليعلموا الناس و المسلمين آداب الجماع و أحكامه فقط لغاية التعلم و لنقل الدين
و السؤال عن المنكر ليس بالمحرم في ديننا الحنيف فكيف بسؤال عن مباح او سؤال عن شيء هو سلاح ذو حدين كالمعازف
و صحيح انه يحرم علينا مساندة الاخوة و الاخوات و غيرهم على الامور المنكرة و المحرمة و لاكن ان كانت مباحة او سلاح ذو حدين فلا يحرم ذلك بل يباح و يحل و لاكن مع الالتزام بالشروط الشرعية الواقعية التطبيقية الفعلية .
اما قولك :ملاحظة:- الشريعة الإسلامية استثنت الدف الذي يكون مغلق من جانب والجانب الآخر مفتوح وشكله دائري معروف ولا أجراس فيه، أباحته الشريعة في مواقف معينة وللنساء فقط.
الرد : فهذا قياس و استنتاج فاسد لأنه لو اردنا ان نطبقه على الزنا و الخمر لأبحنا انواع من الخمر و الزنا دون انواع و هذا في غاية الفساد ثم ان ليس من المعقول ان يقول النبي بأنه ابيح لكم الدف و الكمان و البيانو و القيثارة و الطبل و ما شابه ذلك و يصبح النبي صلى الله عليه و سلم يعد بأنواع الالات الموسيقية و التي أخترعت و التي لم تخترع و لاكن اباحته لدفوف و المزامير و الطبول و في عدة اوقات و دلت الادلة على ذلك .... دليل قوي على انها مباحة في سائر الاحوال و لسائر الاشخاص لأن الاحتجاج بأن الدف هو المباح و لنساء و في العيد و العرس إحتجاج باطل لأنه لو جمعنا مع الدفوف و النساء خمر و زنا و تعري في يوم العيد او العرس لانطبق علينا حديث البخاري المذكور سابقا و لبطلت حجة من يحتج ان الدف هو استثناء للنساء فقط و في العيد و العرس .
و أقول للامانة العلمية و حتى لا اخدعكم ايها الناس كما يخدعكم الكثيرون ان مسألة المعازف مسألة إشتهر الخلاف فيها منذ القديم و من ايام صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي من المسائل الخلافية الطويلة هي و مسائل الزواج و الطلاق و العتق .... و قد رجحنا الاباحة المقيدة المنضبطة بل و صوبناها
و أقول إن الاسلام دين وسطية و اعتدال و توازن .... و دين يسر و بشارة و تفاؤل و ليس دين تشدد و لا دين تحريم و لا دين تنطع و لا تطرف و لا غلو و لا هو دين اسراف و لا دين افراط او تفريط و لا دين تميع و لا دين تسيب .......... بل هو دين السماحة و اليسر و بنفس الوقت دين القوة و المتانة
و انا أحذر الكثير من العلماء و طلاب العلم الشرعي و عامة الناس من التنطع و الغلو و التطرف الذي نعاني منه نحن معشر المسلمون في العصر الحديث فلم يكن الاوائل و السلف و الخلف حتى هكذا
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاثا ... رواه مسلم في صحيحه
و لا نجبر الناس على رأينا فمن اراد استماع المعازف مع الالتزام جاز له و من لم يرد استماع المعازف جاز له ايضا و استماع القرأن بأصوات جميلة و نغم صادر من حنجرة القارئ مع عدم الخروج عن احكام لتجويد خير و افضل و لكن ....... كما قال النبي صلى الله عليه و سلم عندما سأله حنظلة : أقرأن ام شعر يا رسول الله ؟ فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( ساعة هذا و ساعة هذا يا حنظلة ) فهذا هو التوازن فيقاس على الشعر سائر وسائل الترفيه من الغناء و المعازف الملتزمتان و القصص و الرسوم المتحركة و الالعاب الالكترونية .
فاياكم و التنطع فإحذره و اياكم و التسيب فإحذه لأن كلهما شر
و الخير كل الخير في الوسطية و الاعتدال و التوازن
والحمدلله على نعمة الإسلام والتوحيـــــــــد...
زادنا الله و اياكم هدى للحق و الخير و الجمال و الحكمة و الرحمة و العدل و الاحسان و الانصاف
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته