الثلاثاء، 19 أبريل 2016

ما هو الدليل علي جواز سماع الموسيقي والعمل بها؟


. ·.بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله الصلاة والسلام لى رسول الله وبعد ..،
من الله على هذه الأمة بوسائل جديدة إستغلها الفضلاء في خدمة دين الله ، ومنها الفضائيات .. ولما تنوع العمل الإسلامي كان الثراء والخير في كل مكان ..
لكن إقتضت مشئية الله الغالبة أن يظل الخلاف قائما بين العلماء - وفي هذا سعة ورحمة لمن يتدبر ! - ولكن ما يحزن القلب ، ويبكي العين ، أن ينكر شخص ما على آخر العمل بشئ فيه خلاف قائم ومحترم ..
وقد لاحظت هذا مؤخراً منتشراً بكثرة - خاصة في أمر الموسيقى - وهذا لغياب الفهم وليس العلم !!
لأن الذين ينكرون أمر الموسيقى مع الغناء الهادف علماء أجلاء ، ولابد أنه قد مر عليهم أقوال السلف الخلف في خلافهم في حكمها .. 
إذ قال بعضهم بحرمته جملة وتفصيلاً .. وله دليله . 
وقال بعضهم بإباحتها - وقلما تجد من يعرفهم - ولهم أدلتهم وحججهم 
ومن هؤلاء العلماء الربانيين الذي قالوا بإباحتها
الإمام الشوكاني في كتابه إبطال دعوى الإجماع في تحريم مطلق السماع
الإمام عبد الغني النابلسي في كتابه إيضاح الدلالات في سماع الآلات
سلطان العلماء العز بن عبد السلام في كتابه رسالة السماع وقواعد الاحكام
ابن قتيبة في كتابه الرخصة في السماع
القيسراني في كتابه السماع
ابن طاهر المقدسي في كتابه السماع
الحافظ الذهبي في كتابه الرخصة في الغناء والطرب
أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين
أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب
القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه أحكام القرآن
الإمام ابن حزم الظاهري في كتابه المحلى .
وقد كتب علماؤنا الأجلاء في عصرنا كتباً كثيرة أيضا في مسألة إباحة الغناء بالمعازف ، ولعلي أذكر الآن منها :
كتاب فتاوى معاصرة للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي
كتاب السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث للعلامة الشيخ محمد الغزالي فإن فيه فصل عن الغناء والمعازف
كتاب الغناء والمعازف في الإعلام المعاصرللدكتور محمد المرعشلي
كتاب الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام للشيخ عبد الله الجديع
كتاب أحكام الغناء والمعازف وأنواع الترفيه الهادف للدكتور سالم الثقفي
كتاب القول المنصف في الغناء والمعازف للشيخ عبد الباري الزمزمي
كتاب الإسلام والفنون الجميلة للدكتور محمد عمارة ، وغيرهم .
وقد كان ولازال يفتي كثير من العلماء أن الغناء بالمعازف جائز – إذا خلا من فحش القول – ومن هؤلاء الشيخ حسن العطار ، والشيخ محمود شلتوت ، والشيخ على الطنطاوي ، والشيخ محمد رشيد رضا وغيرهم الكثير والكثير(1) .
وقد عمل بقولهم كثير من بني جلدتنا ؛ خاصة أنه لم يرد دليلٌ صريحٌ صحيحٌ من القرآنِ والسنةِ بتحريم الغناء والموسيقى ، فيبقى الأمرُ على الإباحةِ الأصليةِ ، إذْ الأصل في الأشياءِ الحل ، وكل الأدلة التي ذكرها المانعون لم تسلم من النقد إما في صحة الحديث أو في دلالتها . 
((((((((((((((())))))))))))))) 
وهذا ليس معناه أنهم أباحوا كل الغناء !! لا ؛ فقد ذكر فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - وغيره ممن أباحوا الغناء - ضوابط يجب على المستمع والمغني وكل مَن له صلة بواقع الغناء مراعاتها حتى لا يخرج الأمر من المباح إلى الحرمة نوجزها فيما يلي :
سلامة مضمون الغناء من المخالفة الشرعية ، سلامة طريقة الأداء من التكسر والإغراء ، تجنب الإسراف في السماع فإذا كان الغناء يستثير غريزته ، ويغريه بالفتنة ، ويسبح به في شطحات الخيال ، ويُطغي فيه الجانب الحيواني على الجانب الروحاني ؛ فعليه أن يتجنبه حينئذ ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه ودينه وخلقه .
يقول الشيخ محمد الغزالي لمن يحرمون الغناء كله : 
" إن الإسلام ليس دينا إقليميا لكم وحدكم، إن لكم فقها بدوياً ضيق النطاق ! وعندما تضعونه مع الإسلام في كفة واحدة ، وتقولون : هذه الصفقة لا ينفصل أحدها عن الآخر، فستطيش كفة الإسلام وينصرف الناس عنه ، وهذا ظلم كبير لرسالات الله وهداياته !! إنكم تستطيعون إعلان حرب شعواء على الغناء الوضيع ، وستجدون من يؤيدكم من أهل الأرض ! أما الزعم بأن الإسلام حرب على الفن كله خيره وشره فلا !! .. إن أهل القارات لهم غناء يجتمعون عليه، فميزوا الخبيث من الطيب ثم دعوا لهم ما يستحبون "(2) . ا.هـ
` نعود فنقول كما أن هناك فريق من أهل العلم سلفاً وخلفاً قالوا بإباحة الإنشاد بالمعازف ، فإن هناك فريق من أهل العلم أيضا قالوا بالتحريم بالرغم من كل الأدلة التي أوردها هؤلاء الأعلام لأن لكل منهم حجته ودليله ؛ لكن في الوقت ذاته أرى أن من الأولى عدم الإنكار على من أخذ برأي من أجازوا خاصة إذا علمتم أنه " لا إنكار فيما اختلف فيه " .
((((((((((((((()))))))))))))))))
هكذا كانوا .. ونحن كيف صرنا!! 
فإن الذي جعل السلف رضوان الله عليهم في وحدة ومنعة ، وفي بُعد عن التشاحن والتباغض رغم اختلاف آرائهم هو إدراكهم أنه لا إنكار من مجتهد ولا إنكار على أمر مختلف فيه ، فلكل رأيه الذي يجب أن يُحترم ، ولكل اجتهاده الذي ينبغي أن يُقدر ما دام المجتهد موثوقاً في دينه وأمانته وعلمه وتقواه.
فهذا ابن قدامة المقدسي رحمه اللهيقول : ويشترط في إنكارالمنكر أن يكون معلوماً كونه منكراً بغير اجتهاد، فكل ما هو في محل الاجتهاد، فلاحسبة فيه .مختصر منهاج القاصدين ص 113
وورى أبو نعيم في الحلية (6/368) بسنده عن الإمام سفيانالثوري رحمه الله قوله: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره، فلا تنهه.
وروى الخطيب البغدادي : عن سفيان الثوري قوله: " ما اختلف فيهالفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به.الفقيه والمتفقه، 2/69
ونقل ابن مفلح فيالآداب الشرعية (1/186) عن الإمام أحمد رضي الله عنه تحت عنوان : " لا إنكار على مناجتهد فيما يسوغ فيه خلاف في الفروع " ما نصه : " وقد قال أحمد في رواية المروزي : لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولا يشدد عليهم.
وقال النووي : ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره، أماالمختلف فيه فلا إنكار فيه " . تنبيه الغافلين ، ص 101
وفي الفتاوى سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد: فهل ينكر عليه أم يهجر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين ؟
فأجاب: الحمد لله ،مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحدالقولين لم ينكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان: فإن كان الإنسان يظهر له رجحانأحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين،والله أعلم .
ولهذا فإن أصحاب رسول الله إجماعهم حجة قاطعة ، واختلافهم رحمة واسعة؛ فلقد قال عمر بن عبد العزيز: ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهمإذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة .
لذا اعلموا أيها الأحباب أن الخلاف في المسائل الاجتهادية – كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي - التي لم يرد فيها نص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة لا يجوز أن يؤدي إلى تفرق أو تنازع ، فقد خالف الصحابة بعضهم بعضًا ولم يُحدِث ذلك بينهم فرقة ولا عداوة ولا شحناء ؛ وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ البسملة في الصلاة ومنهم من لا يقرأها ، ومنهم من يجهر بها ، ومنهم من لا يجهر بها ، وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت في الفجر، ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء ، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ، ومنهم من يتوضأ مما مسته النار، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ؛ وغير هذه الأمور الهامة الكثير والكثير ..
ومع هذا فكان يصلي بعضهم خلف بعض مثلما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم - رضي الله عنهم - يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية وغيرهم، وإن كانوا لا يقرأون البسملة، لا سرًا ولا جهرًا.
وصلى هارون الرشيد إمامًا، وقد احتجم، فصلى الإمام أبو يوسف خلفه، ولم يعد صلاته ، وكان قد أفتاه الإمام مالك بأنه لا وضوء عليه من الحجامة .
وكان الإمام أحمد يرى الوضوء من الرعاف والحجامة، فقيل له، فإن كان الإمام خرج منه الدم ولم يتوضأ، هل تصلي خلفه؟ قال: كيف لا أصلى خلف مالك وسعيد ابن المسيب؟!
وصلى الشافعي قريبًا من مقبرة أبي حنيفة، فلم يقنت تأدبًا معه. راجع كتاب حجة الله البالغة 1/159 لشاه ولي الله الدهلوي .
(((((((((((())))))))))))))))
أين أدب الخلاف! 
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخالف بعضهم بعضا في الإفتاء فهل أوقع ذلك اختلافا بينهم في القلوب؟ وهل فرق وحدتهم أو فرق رابطتهم؟ اللهم لا .. وما حديث صلاة العصر في بني قريظة منكم ببعيد ؛ وإذا كان هؤلاء قد اختلفوا وهم أقرب الناس عهدا بالنبوة وأعرفهم بقرائن الأحكام، فما بالنا نتناحر في خلافات تافهة لا خطر لها؟ وإذا كان الأئمة وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله قد اختلف بعضهم مع بعض وناظر بعضهم بعضا، فلم لا يسعنا ما وسعهم؟ وإذا كان الخلاف قد وقع في أشهر المسائل الفرعية وأوضحها كالأذان الذي ينادى به خمس مرات في اليوم الواحد، ووردت به النصوص والآثار،فما بالكم بدقائق المسائل التي مرجعها إلى الرأي والاستنباط ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق