الثلاثاء، 19 أبريل 2016

أدلة إباحة الغناء والموسيقى ...


عن وهب بن كيسان قال: قال عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، وكان متكئآً، تَغنى بلال، قال: فقال له رجل: تُغني؟ فاستوى جالساً ثم قال: وأيُّ رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب؟! وفي لفظ: ما أعلم رجلاً من المهاجرين إلا قد سمعه يترنم. (رواه ، البيهقي (255/10)، وعبدالرزاق في "المصنف" (5-6/11)، والفاكهي 27/3 رقم 1735). قال الشيخ الجديع: أثر صحيح، وقال الشيخ الألباني في "تحريم آلآت الطرب": إسناده صحيح على شرط الشيخين). />
في هذا الحديث دلالة قوية من مؤذن الإسلام الكبير بلال، وشهادة حق عظيمة من أمير المؤمنين عبدالله بن الزبير بأن هذا الفعل كان دارجاً في الصحابة بالذات الأكثر شدة في الطرفين؛ فالأنصار معروفون بذلك بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بأنهم يحبون اللهو، وهي كلمة دلت في الحديث على الطرب أو الغناء، ولذلك طلب من عائشة أن ترسل مع الفتاة للحفل مغنية، كما تقدم في الأدلة السابقة. نقول ثبت في الأنصار لكن هذه دلالة في المهاجرين. وهذا الكلام فيه مؤشر على عموم ذلك وانتشاره بين المهاجرين من قوله "وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب؟!"، وفيه استنكار لمن سأله. والمقصود بالغناء هنا هو الغناء الشعبي.
وقد يستفاد من هذا الأثر:
تغني الرجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الأمر هذا مقتصر على النساء كما يقول البعض، بل على الرجال بشهادة عبدالله بن الزبير عن بلال، وبلال عن جمع إن لم يكن كل المهاجرين الذين عرفهم.
جواز الاستنكار على من استنكر الغناء، كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم في رده استنكار أبي بكر رضي الله عنه. فيجوز أن تستنكر على من استنكر الغناء لاستنكار بلال رضي الله عنه على من استغرب عليه الغناء.
جواز الغناء أمام الناس وفي العلن، فلفظ "تغنى بلال" أي بدأ الغناء وأعلنه.
كثرة هذا العمل في المهاجرين حتى أن بلالاً رضي الله عنه كأنه قال لا أعلم من المهاجرين من لا يتغنى!
الدليل الثامن:/><b>
<b>عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء حبش يزفنون (وفي رواية: جاء السودان يلعبون بين يدي رسول الله) (وفي رواية: كان الحبش يلعبون بحراب لهم) (وفي رواية: إن الحبشة لعبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم)، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم منكبيه، فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم من فوق عاتقه، حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم (وفي رواية: حتى شبعت، ثم انصرفت" (وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة". (صحيح. أصله في البخاري كما تقدم (رقم 949)، ومسلم (رقم 1483)، والترمذي (رقم 3624)، وأحمد (116/6)، وابن حبان، وغيرهم)./><b>
وهذا الحديث كريم في معانيه، رحمة على العباد، حجة على من زعم أن ديننا دين شقاء وغم وهم وجفوة وأنه ضد الفطرة السليمة؛ فالطفل بفطرته السليمة عندما تغني له يفرح ويطرب ويأنس، فجاء الحديث يبين وجود ذلك كله، وعززه النبي صلى الله عليه وسلم كأسلوب للدعوة وصحة منهجنا. أما من يتشددون في ذلك فيصح فيهم قول الناس أن دينهم دين شقاء وجفوة، ويحق لليهود أن تعيبهم وتقول أن ليس في دينهم فسحة ولا سماحة.
وقد يستفاد من هذا الحديث:
جواز الزفن. وهي كلمة لا زال الكويتيون واليمنيون والماليزيون يستخدمونها وتعني الرقص الشعبي. الكويتيون يقولون "يزفن" أي يطرب ويغني ويرقص، وفي الغالب بمرواس أو طار. والزفن فن يدرسه الموسيقيون بالذات في الخليج واليمن يعتبر من التراث. وفات كثير من الفقهاء تعريفه لأن أغلبهم لا يعرف في الفن. والدلالة في الحديث أن مشاهدة عائشة لذلك ووجوده هو أيضاً معها صلى الله عليه وسلم دليل أنها سنة تقريرية وبجواز على الأقل هذا النوع من الرقص.
جواز فعل ذلك أمام السلطان أو الحاكم، وهو ما دعى الشيخ الفاضل عبدالمحسن العبيكان لعمله يوم رقص في العرضه، كونه يطبق السنة وينشر الصحيح بين أبناء مجتمعه، وهو التجرد بعينه، في حين يخاف غيره أن يقال! فهو يعمل ذلمك احتساباً ونشراً للخير والفرح والبهجة والفسحة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، فجزاه الله خيراً علي جراءته وكسره لعهود من الخوف.
جواز دعوة الزوجة لمشاهدة عروض الرقص الشعبي (الزفنه) بدليل "فدعاني".
جواز ركوب المرأة فوق ظهر زوجها ومشاهدة شيئاً.
الصبر على الزوجة حتى إكتفت هي بنفسها.
جواز تسمية الإسلام بدين فسحة ودين سماحة والتفاخر بذلك. ولا يسمى دين قتال ودين التشدد. الإسلام دين سمح يقبل الناس على تنوع مشاربها؛ ففيهم المتشدد وفيهم المتوسط وفيهم المتساهل، وكلهم مقبول ما دام في دائرة عدم المضرة على النفس والآخرين، فمن قال الشهادة ولم تمس يده دماً حراماً ضمن الجنة، كما في الحديث.
وجدت في الإنترنت آلآف المواقع التي تعيب على النبي صلى الله عليه وسلم أو عائشة رضي الله عنها وأرضاها أو الرواة المحدثين أو السُنّة النبوية، فقط لو وضعت، ولا أنصحك، بعض كلمات هذا الحديث فسترى العجب في رد هذه المنهجية!! ليس لديهم المقدرة في تخيل أن نبياً أو زوجته كانوا يستمتعون ويفرحون، صوروا النبوة والدين والناس ببؤس! ولو عملت منهجيتهم هذه لسمي كوكبنا بالكوكب الكئيب. والحمدلله أن حفظ لنا هذه السنن والأحاديث ليضل الإسلام قابلاً للاتباع والتطبيق، دالاً على البهجة والسعادة للخلق، واقعياً لا يدعو الناس لرد الفطرة التي جبل الله الناس عليها من حبهم للطرب والغناء والحداء والحركة والزفن، والحمدلله الذي جعل الإسلام سمحاً لا يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الاختيار كأن الإنسان محبوس في صومعة عبادة، والحمدلله الذي جعل الإسلام فيه الفسحة للرقص الحشم والبهجة والتسامح، والحمدلله الذي جعل الإسلام يقدر خيارات الشعوب ويحترم تراثها، فهذا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقدر لهؤلاء الأفريقيين الأكارم تراثهم ويشهد عرضهم ويُعجب به حتى أنه يدعو زوجته لحضوره. صدق الله سبحانه إذ قال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق