قرأت هذا الكتاب: ” الغناء والموسيقي حلال أم حرام”؟!
يرى الدكتور محمد عمارة، المؤلف، في مقدمة الكتاب إن المشكلة ليست في أصل المسألة ولا وفي النصوص الواردة، لكن المشكلة في فهم المسلمين للنصوص وللقضية، وبهذا بدأ في حديثه بتعريف الغناء والموسيقى قائلاً: الغناء: هو كلام ولحن وأداء، هكذا أوجزه بثلاثة كلمات في مفهوم الغناء، ويقول أيضاً الغناء في جوهره صوت جميل تصاحبه ألحان وأنغام مؤتلفة تزيده جمالاً، ولقد دار الحديث عن الغناء في الموروث الإسلامي من السنة الشريفة وفي الفقه والفكر الإسلامي تحت مصطلحات كثيرة منها (اللهو ــ السّماع ) ولذلك قرر الكاتب شرح مصطلح اللهو قائلاً: إن العقل المعاصر عندما يسمع كلمة اللهو لِوصف الغناء يتبادر في عقله أنها تحمل معاني سلبية تشي بالتحريم والكراهية للغناء والموسيقي.
ويقول في تعريفه لكلمة اللهو: اللهو في اللغة ليس بالضرورة ما يلهي عن الطيبات والعبادات والخيرات، وإنما هو كل ما يشغل الإنسان وينشغل به فيلهيه ويتلهى به عما سواه فالانشغال بالطيبات عن الخبائث لهو، والعكس صحيح، وكل ما يأنس الإنسان ويعجب به فهو لهو.
وكلمة اللهو وردت في القران آيات كثيرة وفي صياغات مختلفة في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون *فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون* وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} سورة الجمعة.
وهنا جاء اللهو في بعض النشاطات الإنسانية المباحة إذا هو لم يله الانسان عن الفرائض والواجبات والضرورات، فتتحدث الآيات عن المباحات: البيع، والانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله والتجارة واللهو داعية المؤمنين إلى وضع كل منها في مقامها وتوقيتها.
وفي قوله تعالى: {وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون} حياة الدنيا ليست مذمومة بذاتها ولا للَّهو مذموم لكن جاءت الآية لترد قولهم: {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين} المذموم هنا هو إنكار الكافرين للبعث قاله القرطبي.
فالنظرة الإسلامية تضع اللهو والغناء في خانة المباحات لذاتها مثل الأكل والشرب وتندرج في أصناف الإباحة المندوب والكراهية والواجب كما في الأكل والشرب وما يصاحبها من الأعمال.
وعاش الرسول بمناسبات عدة للمسلمين غنا بها بعضهم، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ،فاضطجع على الفراش وحول وجهه ، فدخل أبو بكر، فانتهرني، وقال مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فأقبل عليه رسول الله فقال : دعهما).
فنحن أمام سنة نبوية عملية أقر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الغناء في بيت النبوة، فتاتان يسمعهما رجال، وتغنيان وعندما اعترض أبو بكر رضي الله عنه مجتهدا في المنع اعترض الرسول على هذا الاجتهاد مؤكداً الإباحة.
ويقول المؤلّف إن كل الأحاديث التي وردت في تحريمها معلولة في أسنادها في حين أن كل الأحاديث التي وردت في تقريرها صحيحة، ومن لم يحركه الربيع وأزهاره ، والعود وأوتاره ، فهو فاسد المزاج ، ليس له علاج، ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال ، هكذا قال حجة الإسلام الشيخ أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق