الغناء والموسيقى وبطلان دعوى الاجماع على التحريم ..
سئل الإمام بدر الدين بن جماعة عن الغناء وحكمه فقال: هذه مسألة خلافية تباينت فيها الطرق تباينا لا يوجد في غيرها، وصنف العلماء فيها تصانيف، ولم يتركوا فيها لقائل مقالاً، وملخص القول أن الناس على أربعة أقسام فرقة استحسنت، أي استحبت، وفرقة أباحت وفرقة كرهت وفرقة حرمت وكل واحدة من هذه الفرق على قسمين: فمنهم من أطلق القول ومنهم من قيده بشرط (الإتحاف للزبيدي: 7/7).
وذكر ابن حجر الهيتمي في "كف الرعاع" (2/277-278) أحد عشر قولاً في حكم القسم الثاني من الغناء الذي أصبح صناعة يتفنن فيها المتفنون ويدخلها التلحين والتحسين، وهو الذي اختلف فيها إذ الغناء الفطري الذي يترنم به الإنسان لنفسه أو غناء الأم لطفلها أو حداء الأعراب ونحو ذلك لا يشك أنه مباح.
وذكر ابن حجر الهيتمي في "كف الرعاع" (2/277-278) أحد عشر قولاً في حكم القسم الثاني من الغناء الذي أصبح صناعة يتفنن فيها المتفنون ويدخلها التلحين والتحسين، وهو الذي اختلف فيها إذ الغناء الفطري الذي يترنم به الإنسان لنفسه أو غناء الأم لطفلها أو حداء الأعراب ونحو ذلك لا يشك أنه مباح.
ثالثاً: دعوى الإجماع وأقوال العلماء:/>
ذكرنا الأدلة التي استند لها من يرون تحريم الغناء والموسيقى من تفسير آيات وأحاديث نبوية، دعنا نكمل مع من رأى بأدلة التحريم.
ذكرنا الأدلة التي استند لها من يرون تحريم الغناء والموسيقى من تفسير آيات وأحاديث نبوية، دعنا نكمل مع من رأى بأدلة التحريم.
1- ادعاء البعض بالإجماع على تحريم الغناء و / أو المعازف: أولاً يجب العلم بأن مدعي الإجماع يعمدون إلى ذلك القول عندما تبطل حججهم؛ فالإجماع يستحيل إدعائه، كون العالم الإسلامي ليس لديه هذه القدرة لا في القديم ولا في الحديث من تكنولوجيا متابعة الأقوال في كل الأمكنة. وقد كان من الممكن حصول ذلك في العصر الأول (عصر النبوة) كون أن الأعداد كانت قليلة، لكن ما توفى النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأصحابه آلآف الكيلومترات وبالآلآف من أهل العلم مفرّقون على الأرض شرقاً وغرباً. وإدعاء الإجماع في عصر النبوة والصحابة خطأ وخطر، فهل يُعقل أن يكون حلالاً ثم يحرمه الصحابة أو التابعون؟! هذا اتهام للإسلام بالتقصير أو للصحابة والتابعين بالتطاول!
وإدعاء الإجماع بالذات في القضايا الخلافية غير ممكن ولهذا قال الإمام أحمد: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه! ونسب الإمام أحمد ذلك الفعل لبشر المريسي المتهم بالبدع العظام (مسائل أحمد لابنه عبدالله نص 1826). ومع ذلك فقد ادعى إجماع أهل العلم كثيرون!
وقد ألف العلماء كتباً في ابطال من زعم الإجماع في الغناء، ومنهم القاضي محمد بن علي الشوكاني وله كتاب: “إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع“، بل نقل فيه عن ابن طاهر العكس من أهل المدينة، وهو قوله في إباحة العود: هو إجماع أهل المدينة. فلا إجماع على هذه المسألة بل أنه ثبت من يقول بحليته في كل عصر من العصور، كما سنذكر بعضاً منهم وفي مدن وعصور مختلفة بداية بالصحابة وإلى أفاضل الخلفاء.
وإدعاء الإجماع بالذات في القضايا الخلافية غير ممكن ولهذا قال الإمام أحمد: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه! ونسب الإمام أحمد ذلك الفعل لبشر المريسي المتهم بالبدع العظام (مسائل أحمد لابنه عبدالله نص 1826). ومع ذلك فقد ادعى إجماع أهل العلم كثيرون!
وقد ألف العلماء كتباً في ابطال من زعم الإجماع في الغناء، ومنهم القاضي محمد بن علي الشوكاني وله كتاب: “إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع“، بل نقل فيه عن ابن طاهر العكس من أهل المدينة، وهو قوله في إباحة العود: هو إجماع أهل المدينة. فلا إجماع على هذه المسألة بل أنه ثبت من يقول بحليته في كل عصر من العصور، كما سنذكر بعضاً منهم وفي مدن وعصور مختلفة بداية بالصحابة وإلى أفاضل الخلفاء.
٢- وقالوا: أن أكثر أهل العلم على تحريم الغناء والمعازف، ومنهم أئمة المذاهب الأربعة والمشاهير مثل شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله جميعاً: وهذا الكلام لا يؤخذ بجملته، ولا يُسلم له، ولربما رأى أبو حنيفة ومالك بحرمة مجالسه وكراهيته، وأن الصحيح في مذهبي الشافعي وأحمد الكراهة، وأن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رأيا في التحريم كذلك، لكن الإسلام ليس هؤلاء الفقهاء فقط، بل العلماء خالفوا هؤلاء العلماء الأجلاء في مئات بل آلآف المسائل، ومثال محاكم الكويت الشرعية عندنا خالفت، وحسناً فعلت، اجماع الأئمة الأربعة، وأخذت بقول عمر رضي الله عنه في عدم وقوع الطلاق ثلاثاً إلا بمراجعة، بل طلقة واحدة ولو قالها ألف مرة، وتلقى هذا الرأي الصائب علماء الكويت بالقبول والرضى. ومع ذلك فقل خالف أئمة المذاهب شيوخهم وأئمتهم عملاً بأقوالهم في الاتباع لا التقليد، والعجيب والمفارقة في محاربة المحرمين للمذاهب واتباعها والتقليد إلا في المسائل التي تتوافق مع رأيهم فهم يستنيرون بها. وللتذكير فقط فإن الأئمة يقولون "إذا صح الحديث فهو مذهبنا". قال الإمام أبو حنيفة: حرام على من يفتى بقولى ولم يعرف دليلى، قال الأمام مالك: كل يؤخذ ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر، قال الإمام الشافعى: إذا جاءكم الحديث يخالف قولى فاضربوا به عرض الحائط، وقال الإمام أحمد: لاتكتبوا عنى بل خذوا مما أخذت منه (أى القرآن والسنة). فهذا مذهب الأئمة الأربعة لا التقليد والنقل دون تمحيص، فبدلاً من نقل الفتوى، لو نُقل لنا الدليل نناقشه!
ومن أئمة المذاهب المعتبرين الذين قالوا بالجواز: الإمام أبو منصور البغدادي الشافعي (ت 429)، وله مؤلف في السماع نقل فيه الأدلة والأقوال، وابن عبدالبر القرطبي المالكي (ت 463)، قيل أنه لم يكن أحد بحفظه في الحديث في زمنه، وكانت له الإمامة في المغرب (ابن خلكان)، والشيخ عبدالغني بن إسماعيل النابلسي الحنفي (ت 1143)، وله عشرات المؤلفات، وله كتاب " إيضاح الدلالات فى سماع الآلات"، وأبو الفضل جعفر بن ثعلب الشافعي الأدفوي (ت 748)، وله مؤلف "الامتاع في أحكام السماع"، ومنه اختصر الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي الشافعي (ت 748) رسالته "رسالة الرخصة في الغناء والطرب" هذه الرسالة في المكتبة الظاهرية ضمن مجموع برقم (7159)، والذهبي عاصر بن تيمية ويحبه ويحترمه لكنه خالفه في مسائل في الأصول والفروع ومنها هذه، ومنهم أيضاً سلطان العلماء (هكذا لقبه شيخ الإسلام بن دقيق العيد) العز بن عبدالسلام الشافعي (ت 660)، وكان يقول بإباحة العود، والإمام الكبير أبو بكر بن العربى المالكى (ت 543) وقد أباح الغناء والعود، وحجة الإسلام المجدد إبو حامد الغزالي الشافعي (ت 555)، صاحب كتاب "إحياء علوم الدين"، وبالغ أخوه في تكفير من رأي التحريم، وهو أبو الفتوح أحمد الغزالى الواعظ المؤثر وله كتاب "بوارق الإلماع فى تكفير من يحرم السماع" مطبوع عن دار الحرمين. ومن الحنابلة آبوبكر الخلال صاحب الإمام أحمد بل روى عن الإمام أحمد عدوله عن الكراهية وإياحة الغناء، وفي ذلمك ما ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص 221): وقد روينا أن أحمد سمع قوالاً عند ابنه صالح فلم ينكر عليه. فقال له صالح: يا أبت أليس كنت تنكر هذا؟ فقال: إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته، فأما هذا فإني لا أكرهه . قال ابن الجوزي رحمه الله: قلت، وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء. ومن الظاهرية كثير جداً، فغالبهم إن لم يكن جميعهم يرى بجواز الغناء، ومعظمهم على حلية الآلآت، ومنهم شيخ الظاهرية بن عقيل في كتابه المسمى بالفصول، قال: صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر ذلك شارح المقفى .. وجمع غفير من العلماء الأكارم من أئمة المذاهب.
ومع ذلك فقد ذكر الشافعي في كتاب "الأم" ( 6 – 209 ): ليس بمحرم بيّن التحريم. ونقل الماوردي في الحاوي (2 – 545) أن أبا حنيفة ومالكاً والشافعي لم يحرموه (يعني الغناء). وقيل أن المحرم حتى لدى الأئمة الأعلام الذين رأوا ذلك ليس الغناء بذاته ولكن ما يصاحبه في تلك المجالس المعروفة وقتها، قال البغوي في شرح السنة (4 –322): الغناء بذكر الفواحش والابتهار بالحرام و المجاهرة بالمنكر من القول فهو المحظور من الغناء. فحتى زعم أن الأئمة الأربعة حرموه لا يُسلم له.
ومن غير أئمة المذاهب ممن رأوا بالجواز: أبومحمد بن قتيبة الدينوري (ت 276)، وألف كتب "الرخصة في السماع"، وأبو محمد ابن حزم الأندلسي (ت 456)، الإمام الحجة، ومحمد بن طاهر المقدسي (ت 507)، نقل الشعراني في "الميزان الكبرى": صنف الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي كتاباً نقض فيه أقوال من قال بتحريم السماع، وجرح النقلة للحديث الذي أوهم التحريم، وذكر من جرحهم من الحفاظ، واستدل على إباحة السماع واليراع والدف والأوتار بالأحاديث الصحيحة وجعل الدف سنة. ومؤلفه وصف بأنه واسع البحث وقد تداوله أجلاء. انتهى. قال السمعاني: سألت أبا الحسن الكرخي الفقيه عن بن طاهر فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير. قال الشيخ ابن غفار القوصي: وقد قرأت ذلك على الحافظ شرف الدين الدمياطي وأجازني به الحافظ أبو طاهر السلفي الأصبهاني بسماعه من المصنف. وقال: لا فرق بين سماع الأوتار وسماع صوت الهزار والبلبل وكل طير حسن الصوت فكما أن صوت الطير مباح سماعه فكذلك الأوتار.
ومن المشايخ المعاصريين مئات ممن يرون بعدم حرمة الغناء والموسيقى، ومنهم العلامة يوسف القرضاوي (قطر) الذي تلقته الأمة بالقبول والمحبة عدا بعض المتشددين، والشيخ محمد الغزالي (مصر)، والشيخ د. خالد المذكور (الكويت)، د. عبدالستار أبو غدة (سوريا) ، الشيخ د. أحمد بن قاسم الغامدي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة (السعودية)، والشيخ احمد الكبيسي (العراق)، والشيخ عبد العزيز المشعل (السعودية)، وإمام الحرم الشيخ عادل الكلباني (السعودية) (بالخصوص العرضات والرقصات الشعبية والغناء العفيف)، والشيخ عبدالمحسن العبيكان (السعودية)، ورقص في العرضة علناً ليدلل على حليتها، والشيخ محمد مختارالسلامي (تونس)، والشيخ د. عصام احمد البشير (السودان)، والشيخ الدكتور محمد عماره (مصر)، وشيخ الأزهر محمود شلتوت (مصر)، الشيخ عبدالله الجديع (العراق)، والشيخ عبدالحليم محمود (مصر) ... ومئات آخرون، ليس همنا تكثيرهم لكن رد وبطلان قول من قال أن هذه المسألة لم يقل فيها أحد من أهل العلم المعتبرين، فهؤلاء معتبرون وفوق الاعتبار سواء من أئمة المذاهب أو المستقلين.
ومن هنا سقط قول من قال بإجماع المذاهب أو علماء عصر، ومنهم قول الشيخ الألباني رحمه الله: "اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها" (السلسلة الصحيحة 1/145)، فهذا كلام غير صحيح وغير دقيق وغير علمي، وقد أثبتنا عكسه، ومثله يقال كثير.
٣- واستند المحرمون على أقوال شهيرة، مثل قال رجل لابن عباس -رضي الله عنهما: ماتقول في الغناء، أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب الله فقال: أفحلالٌ هو؟ قال: ولا أقول ذلك ثم قال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة؛ فأين يكون الغناء؟، فقال الرجل: يكون مع الباطل، قال له ابن عباس: اذهب .. فقد أفتيت نفسك. ومثل قول الإمام ابن القيم رحمه الله: "إنك لا تجد أحدا عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علماً وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء". وقال عن الغناء: "فإنه رقية الزنا، وشرك الشيطان، وخمرة العقول، ويصد عن القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه". وقال في نونيته رحمه الله:
حب القرآن وحب ألحان الغنا
في قلب عبد ليس يجتمعان
حب القرآن وحب ألحان الغنا
في قلب عبد ليس يجتمعان
والله ما سلم الذي هو دأبه
أبدا من الإشراك بالرحمن
أبدا من الإشراك بالرحمن
وإذا تعلق بالسماع أصاره
عبداً لكـل فـلانة وفلان
عبداً لكـل فـلانة وفلان
التحقيق: إذا كان يوم القيامة فالناس لا تدخل الجنة والنار بحسب سماعها للموسيقى أو الغناء من عدمه! إن هذه المسألة أعلى وأكبر لمن استدلوا بذلك، وإذا صح هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنه فلا يمكن يقصد به أن الغناء يدخل جنة أو ناراً، والعياذ بالله، فهذا يخالف ما يعتقده المسلمون سنة وشيعة وغيرهم؛ فالناس لا تدخل الجنة بأعمالها بل برحمة الله وتفضله، ومن خلال اعتقاد المرء. وإذا كان يوم القيامة فالغناء سيكون مع أهل الحق ومع أهل الباطل، وسيرافق أهل الحق في الجنة، قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) (الروم/15)، أي يغنون. والغناء لا يرافق أهل الباطل إلى النار؛ فالغناء ليس من بيئة النار، ولا من صنيع أهله يوم القيامة، والعياذ بالله، ولكنه من صنيع أهل الجنة. وهذا القول، على أية حال، ضدهم ليس معهم؛ فهذا ترجمان القرآن يقول ليس في كتاب الله ما يحرم!! ولم يحرمه. فحري بمن قال بالتحريم أن يقال عنه أنه خالف ترجمان القرآن الذي قال: لا أقول أنه حرام!
وأما قولهم فيما نقلوه عن ابن القيم في أنه لا يجتمع حب القرآن ومزمار الشيطان، فهو مردود، وخطأ، وهو إدعاء أكبر من حجم من أدعى ذلك. فكم دراسة قام بها من يقول بهذا القول ليثبت هذا المزعم الكبير. وإذا كان ابن القيم - رحمه الله - يرى هذا القول، فهو رأيه، وهو عالم جليل له منزلته وقدره، لكن من ينقلون هذا الكلام على ماذا أثبتوا ذلك، بل كل المؤشرات تكذب هذا الكلام حتى مع من يحترف الغناء لا فقط يسمعه، فهذه أم كلثوم تحفظ القرآن الكريم وتغني، وسمعت لها آخر لقاء إذاعي قبل موتها بيوم وهي في قمة الإيمان وتذكر حبها للقرآن الكريم ولله، وهذا عبدالحليم حافظ يحفظ من القرآن ويحبه، وهذا الشيخ زكريا أحمد، الأزهري الحافظ، والذي لحن لأم كلثوم، ومثله الشيخ أبو العلا محمد، والشيخ سلامة حجازي، والشيخ سيد درويش، وهذا الشيخ مشاري العفاسي يغني الأناشيد ويحفظ القرآن ويصلي بالناس، ومئات من الملحنين والمغنين والمنشدين، وهذا الكلام مزعم كبير ولا يصح كما سأبين ذلك من كبار البشرية المحبوبين. وهذا الملك عبداللله بن عبدالعزيز - حفظه الله - يحضر ويسمع الموسيقى والغناء من الرجال: محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وغيرهما، ومن النساء: يارا وغيرها، ويقوم فيرقص في الجنادرية، ويتم تخصيص ميزانية ضخمة من الدولة لهذه الأعمال، فهلا قام المنكرون فأنكروا، أو قالوا كلمتهم في الحق!! ولا نقر الإمام ابن القيم فيما قال في نونيته؛ فهذا كلام مرفوض، وفيه مزعم كبير، وهو خطأ عقدي، وكيف يقسم بالله بأنه لا يسلم ممن هذا دأبه، ويقصد في دأبه في السماع، من الإشراك؟ والعياذ بالله، فهذا يوقع مليار مسلم اليوم في الإشراك!! وهذا مزعم يحتاج المرء فيه للوقوف بين يدي الله ليثبته على البشرية واحداً واحداً. وكيف سيواجه في هذه العقيدة غير السوية الأئمة الأجلاء الذين سنذكرهم أدناه، وهاك بعض الكبار التي لو قرأ أسمائها شخص يؤمن بصنيع الرجال (وأنا لا أقر ذلك في مبدئي) فلن يتفوه بكلمة سوء على من يسمع الغناء أو الموسيقى بعدها:
خيار البشرية سمعوا الغناء و / أو الآلآت وحضروا مجالسها:/>
ههنا بعض الشخصيات عالية القدر في الإسلام غير ما أثبتناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ههنا بعض الشخصيات عالية القدر في الإسلام غير ما أثبتناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1- أبوبكر الصديق رضي الله عنه: كما ذكرنا في حديث البخاري الأول، لما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعهما" فسكت وأكملتا الجاريتان الغناء والضرب على الدف في بيت النبوة. وفي الحديث الآخر الذي نذرت فيه المرأة الغناء والضرب بالدف فسمح لها النبي صلى الله عليه وسلم وسمع لها ثم جاء أبوبكر فسمع لها .. الخ. الحديث، وتقدم في الدليل على وجوده في السنة.
2- عمر بن الخطاب: في حديث السائب بن يزيد .. بينا رباح يغنيه أدركهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في خلافته، فقال: ما هذا؟ فقال عبدالرحمن (يعني بن عوف): ما بأس بهذا، نلهو ونقصر عنا، فقال عمر: فإن كنت آخذاً فعليك بشعر ضرار بن الخطاب (قال الشيخ الجديع: أثر صحيح. رواه البيهقي (224/10) وابن عساكر وإسناده صحيح، وأحمد رقم 1668). وعن أسلم مولى عمر بن الخطاب، قال: سمع عمر رجلاً يتغنى بفلاة من الأرض، فقال: الغناء من زاد الراكب (رواه ابن أبي شيبة والبيهقي، قال الجديع: أثر حسن). وروى البيهقي (10/224): عن خوات بن جبير قال: خرجنا حجاجاً مع عمربن الخطاب رضي الله عنه، قال: فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، قال: فقال القوم: غننا يا خوات، فغناهم، فقالوا: غننا من شعر ضرار، فقال عمر رضي الله عنه: دعوا أبا عبد الله يتغنى من بنيات فؤاده، يعني من شعره، قال: فما زلت أغنيهم حتى إذا كان السحر، فقال عمر رضي الله عنه: ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا، فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: هلم إلى رجل أرجو ألا يكون شراً من عمر رضي الله عنه، قال: فتنحيت و أبو عبيدة فما زلنا كذلك حتى صلينا الفجر.
(وانظر الإصابة لابن حجر 1/457، والاستيعاب لابن عبد البر 1/4147).
(وانظر الإصابة لابن حجر 1/457، والاستيعاب لابن عبد البر 1/4147).
3- عثمان بن عفان: وتقدم في حديث التي نذرت أن تغني عند عودته صلى الله عليه وسلم بالسلامة، ولا تلتفت بقول بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لأنه نذر فقط، فهذا زيغ والعياذ بالله، وهذا يعني لو نذر شخص الزنا علناً أو شرب الخمر علناً لجاز له!! وحاشى لله من هذا الفقه المعوج.
4- حمزة بن عبد المطلب: ثبت في صحيح مسلم (4/658) أنه كان عنده قينة تغنيه.
5- عبدالله بن الأرقم: وعن عبدالله بن عتبة أنه سمع عبدالله بن الأرقم رافعاً عقيرته يتغنى، قال عبدالله: ولا والله، ما رأيت رجلاً قط ممن رأكيت وأدركت كان أخشى لله من عبدالله بن الأرقم (البيهقي بإسناد صحيح (225/10).
6- حسان بن ثابت: وكان سمع جاريتين تغنيان بشعره عند ابنه عبدالرحمن ويبكي. (والأثر صحيح عن الزبير بن بكار، قال الجديع: أثر حسن).
7- عبد الله بن جعفر: صحابي جليل، بايع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع، هو وعبدالله بن الزبير، رضي الله عنهما، وهو ابن جعفر الطيار بن أبي طالب، عمه الإمام الخليفة علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وزوجه الإمام علي بابنته وابنة السيدة فاطمة زينب، وكان عالماً فقيهاً ورعاً واسع المعرفة، وكان من أسخى الناس. كان يصوغ الألحان لجواريه ويسمعها منهن على أوتاره في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهم جميعاً. (الشوكاني في رسالته "إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع" ص 17 وفي "نيل الأوطار" 8/105). وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/276): كان عبد الله لا يرى بسماع الغناء بأساً. (كذلك انظر العقد الفريد لابن عبد ربه 6/18، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7/330). وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/456) ترجمة 93: "كان –أي عبد الله- وافر الحشمة كثير التنعم وممن يستمع الغناء". فلله دره من رجل جمع الدين والأدب والفن معاً.
8- عبد الله بن الزبير: روى البيهقي وابن دقيق العيد بسنديهما عن وهب بن كيسان قال: سمعت عبد الله بن الزبير يترنم بالغناء وقال عبد الله: ما سمعت رجلاً من المهاجرين إلا وهو يترنم. وروى نحوه الفاكهي في "أخبار مكة" (3/27) بسند صحيح، وتقدم ذكره. قال إمام الحرمين وابن أبي الدم: إن الأثبات من أهل التاريخ نقلوا أنه كان لعبد الله بن الزبير جوار عوادات. وإن ابن عمر دخل عليه فرأى العود فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله له فتأمله ابن عمر وقال: هذا ميزان شامي فقال ابن الزبير: توزن به العقول. (نيل الأوطار 8/104، وترتيب المدارك 2/134، وإيضاح الدلالات ص 15 وإبطال دعوى الإجماع ص1، وتاج الدين الفزاري ونقله عنه الأدفوي في الإمتاع).
9- معاوية بن أبي سفيان: ذكر ابن قتيبة في كتاب "الرخصة" (إبطال الإجماع ص2 وإيضاح الدلالات ص 15): أن معاوية دخل على عبد الله بن جعفر يعوده فوجد عنده جارية في حجرها عود فقال: ما هذا يا ابن جعفر؟ قال: هذه جارية أرويها رقيق الشعر فتزيده حسنا قال فقلت: فلتقل فحركت العود وغنت شعرا:
أليس عندك شكر للتي جعلت ما ابيض من قادمات الرأس كالحمم؟
وجددت منك ما قد كان أخلفه طول الزمان وصرف الدهر والقدم
وجددت منك ما قد كان أخلفه طول الزمان وصرف الدهر والقدم
قال: فحرك معاوية رجله فقال له عبد الله: لم حركت رجلك ؟فقال: إن الكريم لطروب. وروى ابن قتيبة بسنده: أن معاوية سمع عند ابنه يزيد الغناء على العود فطرب لذلك.
10- عمرو بن العاص: روى الماوردي: أن معاوية وعمراً – رضي الله عنهما - مضيا إلى عبد الله بن جعفر – رضي الله عنه - لما استكثر من سماع الغناء وانقطع إليه واشتغل به ليكلماه فيه فلما دخلا عليه سكتت الجواري فقال له معاوية: مرهن يرجعن إلى ما كن عليه فرجعن فغنين فقال عمرو: إن من جئت تلحاه أحسن حالاً منك فقال له:إليك يا عمرو فإن الكريم طروب. (وانظر الحاوي "الشهادات" (2/547) وإبطال دعوى الإجماع ص2 والإحياء (2/248).
11- المغيرة بن شعبة: رضي الله عنه، حامي رسول الله صلى الله عليه وسلم. نقل الغزالي (الإحياء 2/284)) وأبو طالب المكي في قوت القلوب والشوكاني في النيل (8/105) وفي رسالة إبطال دعوى الإجماع ص 8 والكتاني في التراتيب الإدارية (2/134) والنابلسي في إيضاح الدلالات ص 17 والشيخ تاج الدين الفزاري: أنه كان يبيح السماع.
12- أسامة بن زيد: حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشاب القائد لجيوش الحرب ضد الردة، رضي الله عنه، روى البيهقي (10/224) وكذلك عبد الرزاق (11/5) بسنده عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: رأيت أسامة بن زيد جالسا في المجلس رافعا إحدى رجليه على الأخرى رافعا عقيرته قال: حسبته قال: يتغنى النصب. (البيهقي 68/10، وابن عبد البر في التمهيد 197/22، قال الجديع: أثر صحيح، وصححه الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص 128 وقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
13- وسئل الحسن البصري عن الحداء، فقال: كان المسلمون يفعلونه (ابن أبي شيبة 263/4).
14- سعيد بن المسيب: عن غنيمة جارية سعيد بن المسيب قالت: كان سعيد لا يأذن لابنته في اللعب ببنات العاج، وكان يرخص لها في الكَبَر، يعني الطبل (بن سعد في "الطبقات").
15- عطاء بن رباح: لما سُئل عن الغناء بالعشر، قال: لا أرى به بأساً ما لم يكن فحشاً (البيهقي في "السنن الكبرى" (225/10)، وابن عبد البر في "التمهيد" (198/22).
16- محمد بن سيرين: قال هشام بن حسان أن محمد بن سيرين كان يعجبه ضرب الدف عند الملاك، أي التزويج (المطالب العالية/1815).
17- إبراهيم بن عبدالأعلي الجُعفي، قال: كان سويد بن غفلة يأمر غلماناً له فيحدو لنا (قال الشيخ الجديع أثر صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 264/4، وإسناده صحيح).
18- عبدالعزيز بن الماجشون، عالم المدينة، فقيه الأمة، من جلساء عمر بن عبدالعزيز وعروة بن الزبير، رحمها الله، من التابعين، ثقة، روى له أصحاب الصحاح والسنن ومنه البخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، وابن ماجه في سننه، وغيرهم، من أتقى الرجال، وأعرفهم في الدين والعلم والرواية والحديث، قال مصعب بن عبدالله الزبيري: "كان يُعلّم الغناء (يعني يدرسه)، ويتخذ القيان (يعني المغنيات) ظاهراً من أمره في ذلك" أي بالعلن، قال: "وكان أول من علم الغناء من أهل المروءة" (تاريخ ابن عساكر (28/54)، وتهذيب الكمال للمزي (32/337) وسير أعلام النبلاء للذهبي (5/447)).
19- ابنه يوسف بن الماجشون، من أعظم الثقات، رجل علم ودين، روى عن إمام السنة الزهري وكان من طلبته، روى له أهل الصحاح والسنن ومنهم البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه والدارمي والترمذي وغيرهم، طال عمره حتى أدركه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، ووثقاه، قال عنه يحيى بن معين: "كنا نأتيه فيحدثنا في بيت، وجوار له في بيت آخر يضزبن بالمعزفة" (التعديل والتجريج للباجي 1240/3)، والمعزفة أي الآلة الموسيقية. قال الخليلي: هو وإخوته يرخصون في السماع"، قال يحيى بن معين: "وهو وإخوته وابن عمه يُعرفون بذلك، وهم في الحديث ثقات، مخرجون في الصحاح" (الإرشاد 2/310).
20- وابن أخيه عبدالعزيز بن عبدالله ابن أبي سلمة، من أتباع التابعين، كان مفتي المدينة هو والإمام مالك، قال الحافظ المحدث أبو يعلى الخليلي: "يرى التسميع، ويُرخص في العود" (الإرشاد 310/1). والتسميع يعني الغناء والعزف.
21- وابنه عبدالملك بن عبدالعزيز، كان مفتي المدينة بعد أبيه كذلك، من أصحاب الإمام مالك، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: "كان فقيهاً فصيحاً، دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته، وعلى أبيه عبدالعزيز قبله، فهو فقيه ابن فقيه"، وقال: "روى عن مالك وعن أبيه، وكان مولعاً بسماع الغناء ارتحالاً وغير ارتحال، قال أحمد بن حنبل: قدم علينا ومعه من يُغنيه" (الانتقاء لابن عبدالبر، ص104). فانظر في هذه العائلة الكريمة من الفقهاء المحدثين الذين يروي لهم الأئمة ومنهم البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومالك بن أنس، فهل تصدق بعد هذا أن يقول الإمام مالك: إنما يفعله عندنا الفساق؟! فإذا كان رواة الحديث من عائلة الماجشون من الفساق وهم في أصول الأحاديث، فكيف يأخذ الحديث من الفساق؟!! سامح الله من كذب على الأئمة دون تحقيق! والرجاء من الله أن يحشر المرء مع هؤلاء المغنين الفقهاء المحدثين يوم القيامة.
22- أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف الزهري، كان من الثقات، ومن الأئمة الأعلام، ومن كبار الحفاظ، من أتباع التابعين، صاحب الإمام الزهري، روه له كبار الأئمة ومنهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، وكان مشهوراً بالغناء وسماعه. قال الذهبي: "كان إبراهيم يجبد صناعة الغناء" (سير أعلام النبلاء 274/8). وغنى لهارون الرشيد:
يا أم طلحة إن البنين قد أفِدا
قل الثواءُ لئن كان الرحيل غدا
قل الثواءُ لئن كان الرحيل غدا
قال له الرشيد: من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال: من ربطه الله! قال: فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا الشيء؟ قال: لا والله، إلا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت لبني يربوع، وهم يومئذ جلة، ومالك أقلهم من فقهه وقدره، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان، يغنون ويلعبون، ومع مالك دف مربع، وهو يغنيهم:
سليمى أجمعت بينا
قأين لقاؤها أينا
قأين لقاؤها أينا
وقد قال لأتراب
لها زهر تلاقينا
لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب
لنا العيشُ تعالينا
لنا العيشُ تعالينا
فضحك الرشيد، ووصله بمال عظيم. (خرج سنده الشيخ الجديع عند ابن عساكر في تاريخه والخطيب في تاريخه، وعد سنده مما يستشهد به ص194).
23- ومن أئمة العراق الكبار الفقيه العلامة عبيدالله بن الحسن العنبري، من كبار الثقات، له علم واسع في الدين، وكان حسن الصوت، يغني، ويسمع الغناء (أخبار القضاة لمحمد بن خلف المعروف 115/2).
24- المنهال بن عمرو الأسدي، المحدث الثقة، الكوفي، احتج به البخاري في صحيحه ووثقه بن معين والنسائي، وكان يضرب بالطنبور (رواه الخطيب في "الكفاية ص183)، وابن عساكر في التاريخ 373/60، قال الجديع: بإسناد صحيح).
- ومن الخلفاء:
25- الخليفة عبد الملك بن مروان (ت 86ﻫـ)، وكان موسيقياً وملحناً عازفاً بأنواع الغناء، يشجع الموسيقا وأهلها.
25- الخليفة عبد الملك بن مروان (ت 86ﻫـ)، وكان موسيقياً وملحناً عازفاً بأنواع الغناء، يشجع الموسيقا وأهلها.
26- الخليفة سليمان بن عبد الملك (ت 99)، وكان رفيق دربه ومساعده ومستشاره الخليفة الرباني عمر بن عبدالعزيز، وكان سليمان هو وراء تعيين عمر خليفة بعده. وأقام سليمان المسابقات بين المغنيين وأجزل لهم العطاء.
27- وحظى الموسيقيون بالتقدير في عهد يزيد بن عبد الملك (ت 105).
28- الخليفة الوليد بن يزيد (ت 126) وكان يضرب العود ويوقع بالطبل والدف وكان عالماً بصناعة الألحان وله فيها أصوات مشهورة.
29- المتوكل العباسي (ت 247) وكان موسيقياً، وروى أنه كان أحذق من عنى وضرب على العود، وكان كثير التقدير للموسيقا وأهلها، وكانت زوجته "فريدة" تتقن الغناء. أعاد للإمام أحمد بن حنبل منزلته وأكرمه ورد عنه المظالم التي وقعت عليه ممن حكموا قبله، قال عنه الإمام أحمد: المتوكل في بني العباس كعمر بن عبدالعزيز في بني أمية. وقالوا: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق قاتل أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز رد مظالم بنى أمية، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة. وكان يسمع لاسحاق الموصلي، فنان العرب آنذاك، والذي كان أقدر عازفى العود واكثرهم حظوة عند خلفاء الدولة العباسية وهو تلميذ "زلزل" وقد نعاه الخليفة المتوكل يوم وفاته بقولة: ذهب صدر عظيم من جمال الملك وبهائه وزينته.
30- أمير المؤمنين العادل المجاهد هارون الرشيد (ت 193)، وكان أشهر الخلفاء في دعم الفن في مملكته التي حكمت نصف الأرض، وفي زمنه صار للفن احترام، فخرج زرياب، صاحب الفن العربي الراقي، والذي صدره لأوربا بعد هجرته إلى الأندلس، أول من أضاف للعود وتراً خامساً، وعندما هاجر إلى الأندلس استقبله أمير الأندلس عبدالرحمن الأوسط، وأعجب في فنه وشعره وعلمه الواسع، فطلب منه أن يؤسس معهداً للموسيقى، وقيل أنه من أكثر من أثر في الأندلس ونقلها من البداوة إلى الحضارة والتنظيم والرقي، وتألق في زمن الرشيد أستاذ زرياب إسحاق الموصلي، وكان مرافقاً دائماً للخليفة يغنيه ويطربه، وكان يعزف العود، وكان الرشيد حاكماً صالحاً، قيل أنه يصلي مائة ركعة في اليوم نافلة، ويتصدق كل يوم، ويحج كل عامين مرة، ويقود الجهاد بنفسه كل عامين، عيّن للدولة قاضي قضاة هو القاضي يعقوب أبو يوسف صحاب الإمام إبي حنيقة المشهور، وعين الزاهد المشهور ابن السماك واعظاً له، دفن في خرسان وهو يقود الجهاد. حاكم هذا عدله، وهذه صفاته، ومات في أرض الجهاد لا في قصره، وازدهرت بلاده العظيمة في وقته، يسمع الغناء والموسيقى ويعزف العود ويدعو المغنيين الكبار لجلساته، فهل هو ممن فيه إشراك ونفاق؟!
31- وأخته عليه بنت المهدي، قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء 10/187)، عن عُلَيَّة أخت أمير المؤمنين هارون الرشيد: «أديبة، شاعرة، عارفة بالغناء، والموسيقى، رخيمة الصوت، ذات عِفَّة، وتقوى، ومناقب. كانت لا تغني إلا زمن حيضها، فإذا طهرت أقبلت على التلاوة، والعلم، إلا أن يدعوها الخليفة، ولا تقدر تخالفه. وكانت تقول: "لا غُفِرَ لي فاحشةٌ ارتكبتُها قطُّ، وما أقول في شعري إلا عَبَثاً"». فاجتمع لها: معرفة الغناء والموسيقى مع التقوى.
ويذكر التاريخ أن أول ضارب بالعود (المهذب) في صدر الاسلام هو "ابن سريج" وكان في مكة، ومنه أخذ العرب إلى اليوم حب آلة العود، ثم "سيرين" التي كانت تتمتع بصوت شجي، والتي نقلت العود المصري ذا الرقبة الطويلة الي الجزيرة العربية، ثم قام "ابن حارث" (ت 624م ) بتعريف أهل مكة بآلة العود والغناء بطريقة صحيحة فنية، وسما قدر الموسيقا وشاع استعمال آلة العود حتى عزفت مائة قينة معاً (يعني سيمفونية متكاملة). وأطلق العرب على آلة العود أسماء مختلفة منها: (ذو الزير)، و(ذو العتب) و(المستجيب)، و(المعزاف) الذى كان له وجه من الرق، و(المزهر أو الموتر) و(البربط).
ونكتفي بهذا القدر وإلا ففي الذاكرة والبحث ما نملئ به كتاباً كاملاً من أفاضل البشرية ممن يسمعون ويستمتعون بالغناء والموسيقى ليس فقط من المسلمين بل من مشارق الأوض ومغاربها.
أحاديث واهية يتناقلها المحرمون وهي مكذوبة:/><b>
إن هذه الأحاديث التي سأذكرها تدلك على أن من يستشهد فيها إما يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أو يجهل. لقد أستدلينا بعشرة دلائل صحيحة لا ينكرها المسلمون ولا يختلفون فيها، ورددنا على حجج من استدل بأحاديث صحيحة لكنها غير صريحة بالتحريم، وذكرنا أقوال أهل العلم المعتبرين فيمن لم يروا في الغناء والآلآت حرجاً، ثم ذكرنا أمثلة من أخيار الناس ممن يستمعون الغناء و / أو الآلآت، ونسرد هنا أهم أشهر الأحاديث المتداولة التي ذكرها الشيخ عبدالله الجديع في كتابه القيم (الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام) تحذيراً من استخدامها:
إن هذه الأحاديث التي سأذكرها تدلك على أن من يستشهد فيها إما يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أو يجهل. لقد أستدلينا بعشرة دلائل صحيحة لا ينكرها المسلمون ولا يختلفون فيها، ورددنا على حجج من استدل بأحاديث صحيحة لكنها غير صريحة بالتحريم، وذكرنا أقوال أهل العلم المعتبرين فيمن لم يروا في الغناء والآلآت حرجاً، ثم ذكرنا أمثلة من أخيار الناس ممن يستمعون الغناء و / أو الآلآت، ونسرد هنا أهم أشهر الأحاديث المتداولة التي ذكرها الشيخ عبدالله الجديع في كتابه القيم (الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام) تحذيراً من استخدامها:
١- "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" أعله ابن حزم في "المحلى"، وابن طاهر في "السماع" وابن القيم في "إغاثة اللهفان" والبيهقي في "شعب الإيمان" وابن رجب الحنبلي في "نزهة الاسماع" قال الشيخ الجديع: فحاصل ما تقدم أن هذا الحديث لا يثبت عن ابن مسعود لا مرفوعاً ولا موقوفاً. ومثله حديث "إياكم واستماع المعازف والغناء، فإنهما ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، ومثله "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع،، وأمثاله كلها أحاديث واهية، ولو كان ينبت النفاق ما رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تركهم يفعلونه.
٢- "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الدف ولعب الطبل (وفي موضع الصنج) وصوت الزمارة". قال الشيخ الجديع: حديث ضعيف جداً.
٣- "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان". حديث منكر. ومثله "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة". من طريق أنس ضعيف ومن طريق ابن عباس كذب.
٤- "بعثني الله رحمة للعالمين وبعثني لمحق المعازف والمزامير" وأمثاله. بعض طرقه منكرة والأخرى ضعيفة جداً.
٥- "إنما نزلت هذه الآية في ذلك: (ومن الناس يشتري لهو الحديث)" يعني في المغنيات. حديث منكر وسنده واه ويرويه المناكير، ومثله كل ما ورد في بيع القينة وحرمتها.
٦- "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغناء والاستماع إلى الغناء ..". حديث منكر. قال الشيخ الجديع في تحقيقه لهذا الحديث: أورد يعقوب بن سفيان بعد عبارته المذكورة في الهلكى الذين عد فراتاً فيهم، بإسناد صحيح عن الإمام عبدالرحمن بن مهدي قال: "لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة الأحاديث الضعاف، فإن أقل ما فيه أن يفوته ما يكتب من حديث أهل الضعف أن يفوته من حديث أهل الثقات". قلت: إذا كان مجرد كتابتها وروايتها فكيف بالاحتجاج بها؟!
٧- "نهى عن المزمار ونهى عن الدف والكوبة ونهى عن الرقص ونهى عن كل ذي وتر ونهى عن اللعب كله .. ونهى عن الغناء ونهى عن الاستماع إلى الغناء .. ". حديث موضوع وأمثاله.
٨- "لعن الله المغني والمغنى له". لا أصل له. يذكره الجهلة والمناكير.
٩- "إن الله يبغض صوت الخلخال ... لا تلبس خلخالاً ذات صوت إلا ملعونة". حديث مضطرب ومتنه باطل.
١٠- "من جلس إلى قينة فسمع لها صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة". حديث منكر.
١١- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة والمغني والمغنى له". حديث منكر.
١٢- أحاديث الحديث بين الله وأبليس وأن قرآنه الشعر والغناء .. الخ. أحاديث خرافة.
١٣- "إن الله يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطبة أو كوبة". لا أصل له يرويه الجهلة.
١٤- "يكون في هذه الأمة خشف ومسخ وقذف في متخذي القيان وشاربي الخمر ولابسي الحرير". ضعيف جداً، ومثله: "إذا ظهر الترد والمعازف ،شرب الخمور ولبس الحرير"، موضوع.
١٥- "ليستحلن ناس من أمتي الحرير والخمر والمعازف وليأتين على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير". ضعيف.
١٦- "إذا اتخذ الفىء دولاً، والأمانة مغنماً ... وظهرت القينات والمعازف ..". حديث منكر، ومثله "إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة ..". حديث باطل.
١٧- "استماع الملاهي معصية، والجلوس عليها فسق، والتلذذ بها كفر". حديث كذب لا أصل له.
٢- "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الدف ولعب الطبل (وفي موضع الصنج) وصوت الزمارة". قال الشيخ الجديع: حديث ضعيف جداً.
٣- "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان". حديث منكر. ومثله "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة". من طريق أنس ضعيف ومن طريق ابن عباس كذب.
٤- "بعثني الله رحمة للعالمين وبعثني لمحق المعازف والمزامير" وأمثاله. بعض طرقه منكرة والأخرى ضعيفة جداً.
٥- "إنما نزلت هذه الآية في ذلك: (ومن الناس يشتري لهو الحديث)" يعني في المغنيات. حديث منكر وسنده واه ويرويه المناكير، ومثله كل ما ورد في بيع القينة وحرمتها.
٦- "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغناء والاستماع إلى الغناء ..". حديث منكر. قال الشيخ الجديع في تحقيقه لهذا الحديث: أورد يعقوب بن سفيان بعد عبارته المذكورة في الهلكى الذين عد فراتاً فيهم، بإسناد صحيح عن الإمام عبدالرحمن بن مهدي قال: "لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة الأحاديث الضعاف، فإن أقل ما فيه أن يفوته ما يكتب من حديث أهل الضعف أن يفوته من حديث أهل الثقات". قلت: إذا كان مجرد كتابتها وروايتها فكيف بالاحتجاج بها؟!
٧- "نهى عن المزمار ونهى عن الدف والكوبة ونهى عن الرقص ونهى عن كل ذي وتر ونهى عن اللعب كله .. ونهى عن الغناء ونهى عن الاستماع إلى الغناء .. ". حديث موضوع وأمثاله.
٨- "لعن الله المغني والمغنى له". لا أصل له. يذكره الجهلة والمناكير.
٩- "إن الله يبغض صوت الخلخال ... لا تلبس خلخالاً ذات صوت إلا ملعونة". حديث مضطرب ومتنه باطل.
١٠- "من جلس إلى قينة فسمع لها صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة". حديث منكر.
١١- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة والمغني والمغنى له". حديث منكر.
١٢- أحاديث الحديث بين الله وأبليس وأن قرآنه الشعر والغناء .. الخ. أحاديث خرافة.
١٣- "إن الله يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطبة أو كوبة". لا أصل له يرويه الجهلة.
١٤- "يكون في هذه الأمة خشف ومسخ وقذف في متخذي القيان وشاربي الخمر ولابسي الحرير". ضعيف جداً، ومثله: "إذا ظهر الترد والمعازف ،شرب الخمور ولبس الحرير"، موضوع.
١٥- "ليستحلن ناس من أمتي الحرير والخمر والمعازف وليأتين على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير". ضعيف.
١٦- "إذا اتخذ الفىء دولاً، والأمانة مغنماً ... وظهرت القينات والمعازف ..". حديث منكر، ومثله "إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة ..". حديث باطل.
١٧- "استماع الملاهي معصية، والجلوس عليها فسق، والتلذذ بها كفر". حديث كذب لا أصل له.
وينبغي لمن يروي الأحاديث أن يتحرى الصدق، فلا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، وفي الحديث أيضاً "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (رواه مسلم وابن ماجه وأحمد وآخرون)، ومن عرف أن هذه الأحاديث واهية ومكذوبة وجب عليه الكف عن روايتها ونقلها، ولو كانت في بحثه أو صفحته وجب عليه مسحها، ولو كانت لتعليق له وجب عليه مسحه والاعتذار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللبشرية من فعله.
<b>التنبيه من التساهل في التحريم:/><b>
نقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال: (أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير (لاحظ: "بيناً بلا تفسير"!!!). وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم - وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
قال أهل العلم: هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته. وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).
نقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال: (أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير (لاحظ: "بيناً بلا تفسير"!!!). وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم - وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
قال أهل العلم: هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته. وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).
إن بعض الناس تطاولوا على حق الله سبحانه وتعالى بالتساهل في التحريم؛ فكلمة حرام عندهم أسهل من كلمة "أهلا"، وخذ فكرة بسيطة من خلال تصفحك على النت وفي الفيس بوك لترى أمة مبتلاة بالتعدي على الله سبحانه ومعتادة على الأمر كأنها، والعياذ بالله، تملك الذات الإلهية! فليحذر هؤلاء الناس من التقول على الله، فالسابقون ما كانوا يقولون حلال وحرام، بل كان أشد أقوالهم "أحبه" أو "لا أحبه" أو "أكرهه" أو "لا نرى بذلك"، أما الكفار في الجاهلية والمبتدعة بعدهم فكانوا هم الذين يتكلمون بالحرام والتحريم. وإذا رأيت المرء يكثر من التحريم فاعتزل مجالسه فهذا مشكوك في عقيدته ولا يأمن الإنسان على دينه معه.
<b>أنواع الناس في التحريم:/><b>
ونلحظ ونحن نناقش هذا الموضوع أن الناس في حدة التحريم - ممن يرون التحريم - كالتالي:
أناس رأوا أن هناك رأيين قويين أو أكثر، لكنهم رجحوا الرأي الذي يقول بالتحريم سواء بناء على ما توصلوا له من أدلة أقنعتهم أو تورعاً في ترك الريبة فيما يريبهم. فهؤلاء محترمون، ومثال في الخلاف. هؤلاء نحتسب لهم الصدق والإخلاص والإيمان.
ونلحظ ونحن نناقش هذا الموضوع أن الناس في حدة التحريم - ممن يرون التحريم - كالتالي:
أناس رأوا أن هناك رأيين قويين أو أكثر، لكنهم رجحوا الرأي الذي يقول بالتحريم سواء بناء على ما توصلوا له من أدلة أقنعتهم أو تورعاً في ترك الريبة فيما يريبهم. فهؤلاء محترمون، ومثال في الخلاف. هؤلاء نحتسب لهم الصدق والإخلاص والإيمان.
أناس يشددون في أن من يستمع للغناء والموسيقى، ولا يرى بالتحريم يخالف آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وكثر منهم يتهمون من خالفهم في دينهم ويسمونهم بأسماء وكنى، وهذا ينم عن ضعف الحجة؛ لأن الواثق من حججه يقال له استمر، بارك الله فيك، لا تحارب أحداً، صاحب الحجة لا يحتاج العراك والصراع والصراخ والتتبع والمحاربة والشتام، بل أن هذا مما ضعف حججهم وقلل أتباعهم أكثر فأكثر.
قوم تطرفوا فرأوا التفسيق والفجور فيمن يسمعون الغناء والموسيقى، وشددوا جداً، حتى جعلوه أشد حرمة من الخمر والزنى، فهؤلاء لا يُلتفت إليهم، وفي الغالب منهجهم منفر أصلاً فلا اعتبار لرأيهم. بل قد تكون المغنية المتفسخة المكسورة بين يدي الله في السر أكرم في السماء من هذا الذي يتهم الناس بالفجور والفسق ويدخلهم النار وفق مزاجه، والعياذ بالله. وكم من حديث شريف ذكر دخول عاهر الجنة وعابد النار بسبب هذا التحجرف والتغطرس والتعالي.
<b>خلاصة نأمل أن نصل إليها:/><b>
أتمنى بعد سرد هذه المعلومات ونقلها للناس هنا أن يتحقق التالي:
تخفيف حدة التعالي والتغطرس التي يسلكها المتشددون في الدين.
تبيين أن التحريم بغير أدلة واضحة تعدي على حق الله وتطاول على ما لا يملكه الإنسان من حق. وأن الأمة المتدينة ظاهراً مبتلاة بهوس التحريم، وتلحظ عدم صدقهم من خلال الشتم والسب وتفريغ تلك الأمراض النفسية الداخلية على شكل غضب وسباب.
<b>خلاصة نأمل أن نصل إليها:/><b>
أتمنى بعد سرد هذه المعلومات ونقلها للناس هنا أن يتحقق التالي:
تخفيف حدة التعالي والتغطرس التي يسلكها المتشددون في الدين.
تبيين أن التحريم بغير أدلة واضحة تعدي على حق الله وتطاول على ما لا يملكه الإنسان من حق. وأن الأمة المتدينة ظاهراً مبتلاة بهوس التحريم، وتلحظ عدم صدقهم من خلال الشتم والسب وتفريغ تلك الأمراض النفسية الداخلية على شكل غضب وسباب.
معرفة أن هذه المسائل وأشباهها خلافية والإسلام يسع الخلاف فيها، ولا يستدعي كل هذه المغالطات والتشدد، فتخطيئ الناس ممن يرون بالحلة يعني تخطيئ الملايين والإسفاف بأقوال آلآف من علماء الإسلام. ذكر الفنان محمد عبده، وهو يتحدث عن الشيخ محمد بن عثيمين، قائلاً: كان الشيخ رحمه الله يقول: أنا أرى حرمة الغناء، لكن محمد عبده يتبع قولاً لعلماء آخرين من أهل السنة والجماعة يرون إباحته. كانت لقاءات الشيخ العثيمين ومحمد عبده كثيرة، وبينهما ود، ومحبة، وهي تؤكد أن الشيخ الراحل، كان يدرك أن محاولة البعض فصل المجتمع وتقسيمه إلى فئات من المقبولين والمرفوضين لمجرد اختلافات قابلة للاجتهاد، هي أمر سيؤدي إلى العزلة الشعورية، التي قادت إلى الهجرة النفسية من مجتمع إلى مجتمع، وإن كان المجتمعان يعيشان في نفس البلد، ثم إلى شقاق وتباغض وربما عنف وشحناء (جريدة الوطن السعودية http://www.alwatan.com.sa/NEWS/writerdetail.asp…)
تبيين أن العلماء مجتهدون وليسوا مشرعين؛ فالبينة على من ادعى، ونحن مع الدليل الواضح، وأن معظم ما يستند إليه المحرمون تفسيرات وزيادات وأقوال لا دلالة لها على التحريم.
تبيين أن كلمة "حرام" أو "تحريم" مع الغناء والمعازف مخالفة للقرآن الكريم والسنة النبوية والصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة الأربعة، ولم تقال إلا بعد العصور الزكية الطاهرة التقية، فتشجع عليها المبتدعة والمتعصبة والمتشددون، كما يفعلون اليوم. وكان أشد ما يقولون من لا يستحسنون ذلك "لا أحبه" أو "كرهه" أو "لم يستحسنه" أو "لا يعمله أصحابنا" أو "تورعاً" أو شيئاً من هذا القبيل تجنباً لمجارة الله ورسوله وخشية من التقليل في الله ورسوله من كونهم نسوا ذلك أو تجاهلوه، والعباذ بالله. قال الإمام المالكي "ابن العربي" في "أحكام القرآن 3/9" : " وكل حديث يروى في التحريم، أو آية تتلى فيه، فإنه باطل سنداً، باطل معتقداً، خبراً وتأويلاً "، وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة، وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد. وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع. ووالله لأن قول "الغناء أو الموسيقى حرام" قولة تستحق التوبة النصوح.
تبيين أن العلماء مجتهدون وليسوا مشرعين؛ فالبينة على من ادعى، ونحن مع الدليل الواضح، وأن معظم ما يستند إليه المحرمون تفسيرات وزيادات وأقوال لا دلالة لها على التحريم.
تبيين أن كلمة "حرام" أو "تحريم" مع الغناء والمعازف مخالفة للقرآن الكريم والسنة النبوية والصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة الأربعة، ولم تقال إلا بعد العصور الزكية الطاهرة التقية، فتشجع عليها المبتدعة والمتعصبة والمتشددون، كما يفعلون اليوم. وكان أشد ما يقولون من لا يستحسنون ذلك "لا أحبه" أو "كرهه" أو "لم يستحسنه" أو "لا يعمله أصحابنا" أو "تورعاً" أو شيئاً من هذا القبيل تجنباً لمجارة الله ورسوله وخشية من التقليل في الله ورسوله من كونهم نسوا ذلك أو تجاهلوه، والعباذ بالله. قال الإمام المالكي "ابن العربي" في "أحكام القرآن 3/9" : " وكل حديث يروى في التحريم، أو آية تتلى فيه، فإنه باطل سنداً، باطل معتقداً، خبراً وتأويلاً "، وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة، وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد. وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع. ووالله لأن قول "الغناء أو الموسيقى حرام" قولة تستحق التوبة النصوح.
كتبت هذا الكلام في ردي على من أنكر علينا لقاء قناة الوطن مع الأستاذ أحمد الفهد، وتعودت أن يكون ردي في الحياة عملاً وفعلاً لا جدالاً، فإن أصبت فهذا بفضل الله ومنته على، وإن أخطأت فالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلماء الإسلام منه براء، والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق