كيف تحدد حكم الإسلام في الغناء والموسيقى؟
قبل مناقشة أدلة التحريم أود أن أقول ليس من هدف هذا البحث تحليل أو تحريم الغناء والموسيقى، لو كنت تحب تعرف الحكم في هذه المسألة أو غيرها فأقترح عليك التالي:
تعلم ولا تقبل أن تكون تابعاً لشيخ أو لعالم أو مذهب، فلا يخلو هذا المنهج من التسطيح لشخصيتك ووقوعك في التبعية العمومية، وهذا يجعل منك إنساناً عاماً ليس له قلب وعقل يستخدمه كما يجب، شخصاً سلم عقله وقلبه لمجموعة من الناس في الغالب لا تعرف إلا ظواهرهم. إن هذا طبعاً يتطلب منك جداً واجتهاداً خاصة إذا كنت في مقتبل العمر. إبدأ باختيار بعض المعلمين (يُفضل غير المنتمين لجماعات وأفكار، ضماناً للحيادية) ثم استرشد منهم العلم والقراءة والتعلم. ثم عود نفسك الوصول إلى المصادر وتعلم الفهم والاستنباط حتى لو أخذ منك هذا الموضوع سنين.
تعلم ولا تقبل أن تكون تابعاً لشيخ أو لعالم أو مذهب، فلا يخلو هذا المنهج من التسطيح لشخصيتك ووقوعك في التبعية العمومية، وهذا يجعل منك إنساناً عاماً ليس له قلب وعقل يستخدمه كما يجب، شخصاً سلم عقله وقلبه لمجموعة من الناس في الغالب لا تعرف إلا ظواهرهم. إن هذا طبعاً يتطلب منك جداً واجتهاداً خاصة إذا كنت في مقتبل العمر. إبدأ باختيار بعض المعلمين (يُفضل غير المنتمين لجماعات وأفكار، ضماناً للحيادية) ثم استرشد منهم العلم والقراءة والتعلم. ثم عود نفسك الوصول إلى المصادر وتعلم الفهم والاستنباط حتى لو أخذ منك هذا الموضوع سنين.
لو لم تستطع، لأي سبب، فاجتهد ألا تتبع شيخاً واحداً بالذات من المنتمين فكرياً لجماعة أو مذهب. نوّع قليلاً مع أخذ الحيطة بعمل ذلك من باب العلم والانفتاح لا الأسهل.
انتبه من المتحدثين باسم الله وباسم السماء وباسم الجنة وباسم الأنبياء. هؤلاء في الغالب ليسوا على صواب. غالب الدجالين والمتعصبة والطائفيين والمتطرفين لغتهم هي تلك، يرعبونك ويخوفونك ويؤنبونك باسم الله. اعلم أن الله سبحانه لم يخلق العباد ليعذبهم، ويتربص بهم، ويوقعهم في الشرك (الفخ)، ويفتنهم ليل نهار، ويتصيد عليهم .. إن هذه العقيدة سطحية، وتقلل من منزلة المولى عزوجل. إن الله كل يوم هو في شأن، والأرض في المجموعة الشمسية مثل الإبرة في ملعب كرة قدم، المجموعة الشمسية في المجرة كلها مثل خرم الإبرة في الأرض، المجرة التي ننتمي لها مثل طرف الخرم في المجرة كلها!! نحن صغار صغار صغار جداً جداً جداً في ملكوت الله! قد يكون في الكون مليار أرض مليئة بالخلق، خلق أفضل أو أقل أو أعلى أو أنزل أو تماماً مثلنا، قد يكونون في بُعد لا يمكن أن ندركه، في علم لم نسمعه، ومنطق لم نتحدث به، ومرئً لم نره، وأصوات لم نسمعها وأحاسيس لم نشعرها .. احذر التصغير من عظمة الله بهذه الترهات السطحية المقللة من قدر الله. إن الله لو نظر لعبد، وهذا من شبه المستحيلات، لم يعذب لا في دنيا ولا في آخرة أبداً! إن الله سبحانه وضع نظاماً في الكون يمشي على الكل، نظام غفور، متسامح، لا يتربص، يتجاوز رغم عدله، ومع ذلك لله سبحانه قوانين في كونه لو فهمتها قد تصل لمبتغاك من خلالها. ومع ذلك فلا شك أن نظامه عادل قد ينال من يجهل أو يخطئ. إذا رأيت الشخص يكثر من التخوين والتخويف فاتركه في حاله وابحث عن الرحماء. هذا غارق في جهله، ومن عمق جهله أنه يعتقد أنه يعلم! لا يدري ولا يدري أنه لا يدري!
لو لم تستطع أن تلزم أياً من هذا فالزم شيخاً تثق بكلامه وإخلاصه وفوض أمرك لله، واسأله عن حكم الإسلام في الغناء والموسيقى ثم اتبع رأيه.
مناقشة أدلة من يرى تحريم الغناء والموسيقى:
أولاً: أدلة من التفسير:
ولاحظ أننا قلنا من التفسير وليست من القرآن الكريم. قد يوهمك البعض أنه كلام الله وهذا خطأ؛ لأن التفسير ما لم يكن من الرسول صلى الله عليه وسلم فهو رأي صاحبه، ولا يلزم أي أحد بالأخذ فيه، ولا يعتقد ذلك أحد سوى أن الشيعة الجعفرية والإسماعيلية لديهم أن الأئمة من سادات آل البيت أيضاً من ضمن المعصومين، ومع ذلك فغير آل البيت اتفاق بين المسلمين بأن أقوالهم غير ملزمة ولو كان هذا الشخص أبوبكر أو عمر، وهما خير البشر بعد الأنبياء، ومن يعتقد بعصمة الصحابة أو إلزام الخلق بأقوالهم فهو يخالف الله سبحانه في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، بل يخالف المنهجية التي جاء بها الإسلام. لذلك نقول التفسير؛ فالقرآن جليّ، نزل بلغة العرب، لا يحتاج له ترجمان، يقرأه شخص بعد ألف سنة يستنتج ما لم يستنتجه الصحابي الكريم. وقد يأتي من يفسر القرآن أو السنة أفضل من الصحابي رغم علو منزلة الصحابي وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبة الوداع: "ربَّ مُبلغ أوعي من سامع" المبلغ (بضم الميم وفتح اللام) هو الذي يصله كلام النبي صلى الله عليه وسلم والسامع المقصود في الحديث هنا هو الصحابي. فالنبي صلي الله عليه وسلم يقول لك رب تابعي أو تابع تابعي أو من سيأتي بعد خمسمائة سنة أو من في عصرنا الآن أو من سيأتي بعد ألف سنة أوعي - أي أكثر وعياً - من الصحابي السامع لخطبة الوداع هذه. فلا تغتر بقول الشخص يقول قال تعالى ثم يقول لك قال مجاهد فتعتقد أن ذلك يعني قال الله! حاشا لله، هذا معناه: قال مجاهد أو قال اين مسعود رضي الله عنهما.
مع ذلك فأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين معتبرة ومقدرة ونستشهد فيها طوال الوقت، وقد تكون الحاجة لها كبيرة في الفهم، بالذات في معرفة أسباب النزول، كما سنستفيد منها هنا كذلك في أدلة من رأى التحريم. لكن لو لم يأخذ فيها إنسان فهي ليست ملزمة له. ولو شاء الله التحريم الصريح ما تركها لقول مفسر بل وضحها وضوح الشمس مثل تحريمه للقتل والسرقة والخمر والميسر وأكل أموال الناس بالباطل .. الخ.
ولاحظ أننا قلنا من التفسير وليست من القرآن الكريم. قد يوهمك البعض أنه كلام الله وهذا خطأ؛ لأن التفسير ما لم يكن من الرسول صلى الله عليه وسلم فهو رأي صاحبه، ولا يلزم أي أحد بالأخذ فيه، ولا يعتقد ذلك أحد سوى أن الشيعة الجعفرية والإسماعيلية لديهم أن الأئمة من سادات آل البيت أيضاً من ضمن المعصومين، ومع ذلك فغير آل البيت اتفاق بين المسلمين بأن أقوالهم غير ملزمة ولو كان هذا الشخص أبوبكر أو عمر، وهما خير البشر بعد الأنبياء، ومن يعتقد بعصمة الصحابة أو إلزام الخلق بأقوالهم فهو يخالف الله سبحانه في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، بل يخالف المنهجية التي جاء بها الإسلام. لذلك نقول التفسير؛ فالقرآن جليّ، نزل بلغة العرب، لا يحتاج له ترجمان، يقرأه شخص بعد ألف سنة يستنتج ما لم يستنتجه الصحابي الكريم. وقد يأتي من يفسر القرآن أو السنة أفضل من الصحابي رغم علو منزلة الصحابي وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبة الوداع: "ربَّ مُبلغ أوعي من سامع" المبلغ (بضم الميم وفتح اللام) هو الذي يصله كلام النبي صلى الله عليه وسلم والسامع المقصود في الحديث هنا هو الصحابي. فالنبي صلي الله عليه وسلم يقول لك رب تابعي أو تابع تابعي أو من سيأتي بعد خمسمائة سنة أو من في عصرنا الآن أو من سيأتي بعد ألف سنة أوعي - أي أكثر وعياً - من الصحابي السامع لخطبة الوداع هذه. فلا تغتر بقول الشخص يقول قال تعالى ثم يقول لك قال مجاهد فتعتقد أن ذلك يعني قال الله! حاشا لله، هذا معناه: قال مجاهد أو قال اين مسعود رضي الله عنهما.
مع ذلك فأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين معتبرة ومقدرة ونستشهد فيها طوال الوقت، وقد تكون الحاجة لها كبيرة في الفهم، بالذات في معرفة أسباب النزول، كما سنستفيد منها هنا كذلك في أدلة من رأى التحريم. لكن لو لم يأخذ فيها إنسان فهي ليست ملزمة له. ولو شاء الله التحريم الصريح ما تركها لقول مفسر بل وضحها وضوح الشمس مثل تحريمه للقتل والسرقة والخمر والميسر وأكل أموال الناس بالباطل .. الخ.
قالوا في الاستدلال بالتحريم:
١- يقول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان/6)، قالوا: قال ابن مسعود رضي الله عنه: هو والله الغناء. ولهذا فالغناء حرام لأنه يضل عن سبيل الله.
١- يقول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان/6)، قالوا: قال ابن مسعود رضي الله عنه: هو والله الغناء. ولهذا فالغناء حرام لأنه يضل عن سبيل الله.
والتحقيق: لم يرد في أي من قواميس العرب ولا لغتهم أن معنى "لهو الحديث" الغناء، رغم أن البعض قد يرها كوسيلة للهو الحديث. قال الجوهري: اللهو: اللعب. وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي: اللهو: ما شغلك من هوى وطرب. وقيل: النكاح، قال إمرؤ القيس:
ألا زعمتْ بسياسة اليوم أنني
كبرتُ وأن لا يُحسن اللهو أمثالي
كبرتُ وأن لا يُحسن اللهو أمثالي
وقيل: المرأة، وفسروها بقوله تعالي: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء/17). وفي لسان العرب: للَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهم، وفيه أيضاً: وقد يكنى باللَّهْوِ عن الجماع. وفي سَجْع للعرب: إذا طلَع الدَّلْوُ أَنْسَلَ العِفْوُ وطلَب اللَّهْوَ الخِلْوُ أَي طلَب الخِلْوُ التزويجَ. واللَّهْوُ: النكاح، ويقال المرأَة. قال ابن عرفة في قوله تعالى: لاهيةً قُلوبُهم؛ أَي مُتشاغِلةً عما يُدْعَوْن إِليه، وهذا من لَها عن الشيء إذا تَشاغل بغيره يَلْهَى؛ ومنه قوله تعالى: فأَنْتَ عنه تلَهَّى أَي تتشاغل، وفيه أيضاً: وقيل: اللهوُ كلُّ ما تُلُهِّيَ به، لَها يَلْهُو لَهْواً والْتَهى وأَلهاه.
ولاشك أن المعازف والطرب والأغاني من اللهو، وكذا الفيس بوك والإنترنت والتلفزيون والمسرح ولعب كرة القدم والورق واللعب مع الأولاد والأهل والأصحاب وصيد السمك .. كل ذلك لهو، وهو يشكل غالبية ما تعمله في يومك. والآية الكريمة عامة تعني أنه من الناس من يشتري أي يدفع ويتعب ويشتري لهو الحديث وذلك بنية الصد عن سبيل الله واتخاذ آيات الله هزواً، فهذا لو عملها بموسيقى أو غناء أو فيس بوك أو محاضرة أو يوتوب أو كتاب أو شيء من ذلك فهو محرم ويؤدي لعذاب مهين. ولا تعني أن من استخدم الغناء والموسيقى فهو في عذاب مهين، وأن من صد عن سبيل الله واتخذ آياته هزواً فله ذلك! كلا، بل أي وسيلة تستخدم بنية الصد عن سبيل الله والاستهزاء بآيته فهي منكرة هنا، ولذا فالآية عامة.
وحتى تعرف معنى كلام ابن مسعود رضي الله عنه فهو من القدماء في الإسلام وشهد نزول الآيات من أوائلها وعليم بها، لهذا روى هنا سبب نزول الآية، حيث كان بعض كفار قريش يتعمدون في شراء الجواري المغنيات ويأتون بهم في أوقات يتلو ابن مسعود القرآن أو يتحدث صحابي في الدعوة ليحولون دون سماعهم. فهؤلاء الكفار الذين يشترون الجواري المغنيات بنية الصد عن سيبيل الله أو اتخاذ آيات الله هزواً فسيؤدي لهم ذلك إلى العذاب المهين. أما شراء الجواري اللاواتي يغنين فلا حرج، وقد فعلها كثير من الصحابة، كما سأذكره في فصل لاحق بإذن الله، ومنهم أمير المؤمين عبدالله بن الزبير رضي الله عنه: قال إمام الحرمين وابن أبي الدم: إن الإثبات من أهل التاريخ نقلوا أنه كان لعبد الله بن الزبير جوار عوادات. وإن ابن عمر دخل عليه فرأى العود فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله له فتأمله ابن عمر وقال: هذا ميزان شامي فقال ابن الزبير: توزن به العقول. نيل الأوطار للإمام الشوكاني (8/104) وترتيب المدارك للقاضي عياض (2/134) وإيضاح الدلالات لعبدالغني النابلسي (ص 15) وإبطال دعوى الإجماع للشوكاني (ص1). وسنأتي لها لاحقاً إن شاء الله، ونذكر مصادرها.
ولا يعقل أن يخالف ابن مسعود رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي سمع الغناء والدف وفي بيته ومجتمعه وأمر به في مواقف ذكرناها في الأجزاء الأولى. ولو خالف ابن مسعود، وحاشاه، لردينا قول بن مسعود بقول وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أولى بالاتباع والاقتداء. ويكفيك كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأمره لعائشة في زواج قريبتها: "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" (رواه البخاري وغيره، وتقدم في الأدلة). فلا يعقل أن يأمر باللهو والله يوعده بالعذاب المهين؟! هذا قلة علم وقلة تأدب في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
٢- يقول الله تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا) (الإسراء/64)، قالوا: قال مجاهد: بصوتك: المزامير. فالمزامير هي صوت الشيطان.
والتحقيق: الأثر رواه ابن أبي الدنيا عن مجاهد وقال: إسناده لين. قال الشيخ الجديع تعليقاً: قلت: وهذا لم يصح عن مجاهد. انظر كم من الناس تناقلت هذا الأثر!! وحتى لو صح، فقد يكون الغناء والموسيقى والخطب والمحاضرات والقصص والشعر والإيميلات كلها وسائل الشيطان المستفزة. رُوي عن ابن عباس (شيخ مجاهد رحمه الله) رضي الله عنه قوله: صوته: كل داع دعا إلى معصية الله. وهذا التفسير وإن لم يصح سنده لابن عباس أيضاً إلا أنه ما رجحه الطبري في تفسيره. وعن قتادة: بصوتك: دعائك. (رواه ابن جرير بإسناد صحيح). فهل الدعاء حرام؟ وهل كل صوت حرام؟ إنما يكون الحرام وفقاً لنية استخدامه؛ فالصوت والغناء والموسيقى والمزامير والإيميل والقصص والشعر وغير ذلك كله حلال أو حرام ليس لذاته بل باتجاه استخدامه.
٣- وقال تعالى: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (الأنفال/35)، قالوا: كون الله عاب المشركين على صلاتهم التي هي عبارة عن مكاء (صفير) وتصدية (تصفيق) فلذا فهي حرام، قالوا: وما هو أشد منها وهي المعازف حرام كذلك.
التحقيق: وهذا من أوهن الأدلة، وتنم عن قص وتلصيق، وعدم تحقيق، وضعف في الحجة. وهل نمنع صوت الحمار لأن الله استنكره؟ قال تعالى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان/19). بل شرعت السُنة في جعل التصفيق في الصلاة للنساء. ولا حجة على التحريم. كيف فهم المحرمون التحريم؟! الله سبحانه يقول هذه صلاتهم ما هي إلا تصفيق وتصفير. الله يعيب عليهم ذلك، مع أن المرأة ممكن تصفق في الصلاة حال أرادت التصحيح للإمام!
ومن تأدب الشيخ العلامة محمد العثيمين رحمه الله رغم أنه يرى بحرمة الغناء لما سئل عن ذلك تورع. قيل له: ما حكم التصفيق والتصفير، وأي نوع من التصفير محرم، وما دليل التحريم؟
الجواب: الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول: هذا مجنون أم عاقل؟!! فما هو سبب التصفيق والتصفير؟
السائل: ما يحدث في المباريات ونحوها!
الشيخ: قل مثلا التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح، أو أجاب جواباً صواباً، أو ما أشبه ذلك، فأنا لا أرى فيه بأساً، أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية، ولا أستطيع أن أقول: إنه مكروه كراهة شرعاً؛ لأنه ما عندي دليل.
السائل : التصفيق؟
الشيخ: ما فيه شيء.
وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء)، فهذا في الصلاة؛
وأما قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] والمكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق، فهذا كانوا قريش عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك، بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر.
أما إنسان رأى شخصاً تقدم و تفوق على غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأساً.
السائل: والآية فيها دليل؟
الشيخ: ما فيها دليل، سمعت: يتخذونها عبادة.
السائل: التصفير يا شيخ أي نوع من التصفير؟ مثل صفارة الحكم في المباريات؟
أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية، وليس عندي دليل، ولو أن شخصاً طالبني بالدليل، فلا أستطيع أن أقول: عندي دليل.
(الشيخ بن عثيمين: لقاء الباب المفتوح: شريط 119). هذا النقاش يعلم التأدب مع الله، ونفي وجود هوس التحريم.
ومن تأدب الشيخ العلامة محمد العثيمين رحمه الله رغم أنه يرى بحرمة الغناء لما سئل عن ذلك تورع. قيل له: ما حكم التصفيق والتصفير، وأي نوع من التصفير محرم، وما دليل التحريم؟
الجواب: الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول: هذا مجنون أم عاقل؟!! فما هو سبب التصفيق والتصفير؟
السائل: ما يحدث في المباريات ونحوها!
الشيخ: قل مثلا التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح، أو أجاب جواباً صواباً، أو ما أشبه ذلك، فأنا لا أرى فيه بأساً، أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية، ولا أستطيع أن أقول: إنه مكروه كراهة شرعاً؛ لأنه ما عندي دليل.
السائل : التصفيق؟
الشيخ: ما فيه شيء.
وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء)، فهذا في الصلاة؛
وأما قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] والمكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق، فهذا كانوا قريش عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك، بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر.
أما إنسان رأى شخصاً تقدم و تفوق على غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأساً.
السائل: والآية فيها دليل؟
الشيخ: ما فيها دليل، سمعت: يتخذونها عبادة.
السائل: التصفير يا شيخ أي نوع من التصفير؟ مثل صفارة الحكم في المباريات؟
أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية، وليس عندي دليل، ولو أن شخصاً طالبني بالدليل، فلا أستطيع أن أقول: عندي دليل.
(الشيخ بن عثيمين: لقاء الباب المفتوح: شريط 119). هذا النقاش يعلم التأدب مع الله، ونفي وجود هوس التحريم.
٤- يقول الله تعالي: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) (الفرقان/72)، قالوا: قال مجاهد: لا يشهدون الزور: لا يسمعون الغناء، وروي في الباب نفسه عن الحسن البصري رحمه الله قوله (الغناء والنياحة).
التحقيق: أما رواية مجاهد رواها ابن أبي حاتم فهي ضعيفة. وما رواه ابن جرير بسنده عن مجاهد، قال الشيخ الجديع: هذا إسناد ساقط، فيه محمد بن مروان السدي الكوفي متهم بالكذب! وشيخه ليث مشهور بالضعف! وأما رواية الحسن البصري عن ابن أبي حاتم، قال الشيخ الجديع: وهذا إسناد ظاهر الضعف! يا جماعة اتقوا الله في الناس. كيف يبني هؤلاء أدلتهم؟!! نقول لهم رواه البخاري ومسلم وصححه العلماء يروون لنا ما رواه الكذبة! أخطأ ابن القيم فأخطأت أمم مقلدة وراءه!! والتفسير الصحيح للآية والذي تعمل به الأمة اليوم هو أن الزور: الكذب وليس الغناء.
٥- ويقول الله تعالي: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ. وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ، وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) (النجم/59-61)، قالوا: قال ابن عباس: هو الغناء بالحميرية. وهذا دال على التحريم.
التحقيق: ما روي في الرواية الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنه: (سامدون) هو الغناء، كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا، وهي بلغة أهل اليمن، يقول اليماني إذا تغنى: اسمد. والمقصود هو التعالي بالصوت تعمداً عندما يتلى القرآن الكريم، فهذا فعل مشين. لو أن فرقة موسيقية جاءت عند مسجد وبدأت تعزف بصوت عالي أمام المسجد حين أذان المؤذن فهذا يدل على التعمد، ولكان يجب أن يحاسب هؤلاء الناس من قبل ولي الأمر أو السلطات. أما أن تقول أن الغناء كله حرام من هذا الدليل فهذا دليل فقدان الحجة، وإلا لكان الضحك كذلك حراماً فهو أيضاً في الآية الكريمة!!
من هذه الاستدلالات يتبين لك أن لا حجة لمن استدل بالقرآن الكريم على أنه حرم الغناء والمعازف، بل هذه استدلالات حملت القرآن ما لا يحتمل، غفر الله لهم.
يتبع الجزء العاشر .. تكملة مناقشة أدلة من يرى التحريم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق