وحديث "بئس الكسب أجر الزمارة"، وفي لفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الزمارة. (رواه البيهقي). قالوا ولفظ "نهى" أو "بئس الكسب" دليل التحريم.
التحقيق: روى الإمام مسلم في (صحيحه): "شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام" وفي رواية: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب وعسب الفحل" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. وفي صحيح مسلم وغيره: "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر" .. وفي الباب الكثير. ففقه هؤلاء المحرمين أن الحجامة حرام! لأن النهي ورد في كسبه! والكلب حرام. والنذر حرام. ولا يقول بهذا أحد رغم أن العلماء اختلفوا في كسب الحجامة وثمن الكلب .. الخ. فكون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كسب الزمارة لا يعني تحريم المعازف! هذا فقه معوج.
وعلى أية حال فالزمارة لها معنيان عند العرب وأهل الحديث:المعنى الأول أنها المغنية، فإذا كان هذا المعنى فإنه يعني أنه ورد النهي في التكسب من المغنية، مثل ما ورد النهي في التكسب من الحجامة، وكلا الأمرين مباحان في الأصل، أي المغنية والحجامة؛ لأننا ذكرنا أحاديث المغنيات في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت غيره في وقته وإقراره بل وطلبه من عائشة أن ترسل للعروس مغنية تلهو لأن الأنصار يحبون اللهو، كما ذكرنا في الحديث الصحيح. والمعنى الثاني، وهو ما رجحه أبو عبيد القاسم بن سلام: "قال الحجاج (شيخه ابن محمد المصيصي): الزمارة الزانية"، وهذا لاشك في حرمته، قال تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور/ 33). وكلا المعنيين ذكرهما الجاحظ. وسواء ذهبت مع المعنى الأول أو الثاني فلا دليل على الحرمة ألبته.
هذه أقوى الأحاديث على ما وجدت التي استند إليها من يرى بالتحريم، فقارن بين ما ذكرناه من القوة والوضوح في الحلال وبين التأويلات الصعبة والتركيبات والتي لم تدل على التحريم، بل على فهم هذا الإمام أو ذاك، مع التقدير والاحتزام لآرائهم، لكن لا يلزمنا من كان في قول عالم أو شيخ، ما لم يأتي بالدليل المقنع والواضح، فنحن أحرار نختلف عن جموع كبيرة من أتباع الأديان، بما فيهم غالبية المسلمين اليوم، لا نتبع عمياناً بل ما وجدناه مدعماً في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قبلناه، وما لم نجده حكمنا رأينا ومصلحتنا وقلوبنا، مع تقديرنا لمن رأي الحرمة، ونتأول له صلاحه وحسن نيته وورعه وخشيته، ونرجو الله أن يكافأه على نيته. ولما ذكرنا العلماء في هذه المقالة فإننا لم ولن نقصد أن ننزل من مكانتهم، بل العكس، أنزلناهم منزلتهم، فهم بشر، يخطئون، ويتجاوزون، ويسهون، ولهم بذلك الأجر حتى إذا أخطآوا، ومنزلتهم عالية وكريمة بالذات الشيخ الألباني والإمام بن تيمية وابن القيم، فهؤلاء ممن تأثرت بهم ولا زلت، وتعلمت منهم ولا زلت، وعكفت الساعات والليالي أقرأ لهم ولازلت، لكن كل يؤخذ من كلامه ويرد، وهذا مما يرد، وإلا صاروا، كما هم عند البعض، أنبياء مجردون من الخطأ، فأنزلناهم منزلتهم في الاجتهاد لا التشريع ولا الحق في ذلك. والمشرع هو الله ومن خلال كتبه وأنبياءه، والله أعلم.
التحقيق: روى الإمام مسلم في (صحيحه): "شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام" وفي رواية: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب وعسب الفحل" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. وفي صحيح مسلم وغيره: "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر" .. وفي الباب الكثير. ففقه هؤلاء المحرمين أن الحجامة حرام! لأن النهي ورد في كسبه! والكلب حرام. والنذر حرام. ولا يقول بهذا أحد رغم أن العلماء اختلفوا في كسب الحجامة وثمن الكلب .. الخ. فكون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كسب الزمارة لا يعني تحريم المعازف! هذا فقه معوج.
وعلى أية حال فالزمارة لها معنيان عند العرب وأهل الحديث:المعنى الأول أنها المغنية، فإذا كان هذا المعنى فإنه يعني أنه ورد النهي في التكسب من المغنية، مثل ما ورد النهي في التكسب من الحجامة، وكلا الأمرين مباحان في الأصل، أي المغنية والحجامة؛ لأننا ذكرنا أحاديث المغنيات في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت غيره في وقته وإقراره بل وطلبه من عائشة أن ترسل للعروس مغنية تلهو لأن الأنصار يحبون اللهو، كما ذكرنا في الحديث الصحيح. والمعنى الثاني، وهو ما رجحه أبو عبيد القاسم بن سلام: "قال الحجاج (شيخه ابن محمد المصيصي): الزمارة الزانية"، وهذا لاشك في حرمته، قال تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور/ 33). وكلا المعنيين ذكرهما الجاحظ. وسواء ذهبت مع المعنى الأول أو الثاني فلا دليل على الحرمة ألبته.
هذه أقوى الأحاديث على ما وجدت التي استند إليها من يرى بالتحريم، فقارن بين ما ذكرناه من القوة والوضوح في الحلال وبين التأويلات الصعبة والتركيبات والتي لم تدل على التحريم، بل على فهم هذا الإمام أو ذاك، مع التقدير والاحتزام لآرائهم، لكن لا يلزمنا من كان في قول عالم أو شيخ، ما لم يأتي بالدليل المقنع والواضح، فنحن أحرار نختلف عن جموع كبيرة من أتباع الأديان، بما فيهم غالبية المسلمين اليوم، لا نتبع عمياناً بل ما وجدناه مدعماً في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قبلناه، وما لم نجده حكمنا رأينا ومصلحتنا وقلوبنا، مع تقديرنا لمن رأي الحرمة، ونتأول له صلاحه وحسن نيته وورعه وخشيته، ونرجو الله أن يكافأه على نيته. ولما ذكرنا العلماء في هذه المقالة فإننا لم ولن نقصد أن ننزل من مكانتهم، بل العكس، أنزلناهم منزلتهم، فهم بشر، يخطئون، ويتجاوزون، ويسهون، ولهم بذلك الأجر حتى إذا أخطآوا، ومنزلتهم عالية وكريمة بالذات الشيخ الألباني والإمام بن تيمية وابن القيم، فهؤلاء ممن تأثرت بهم ولا زلت، وتعلمت منهم ولا زلت، وعكفت الساعات والليالي أقرأ لهم ولازلت، لكن كل يؤخذ من كلامه ويرد، وهذا مما يرد، وإلا صاروا، كما هم عند البعض، أنبياء مجردون من الخطأ، فأنزلناهم منزلتهم في الاجتهاد لا التشريع ولا الحق في ذلك. والمشرع هو الله ومن خلال كتبه وأنبياءه، والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق