حديث ابن عمر أنه سمع صوت زمارة راع، فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا، فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راع، فصنع مثل هذا" (رواه أبوداود).
التحقيق: وهذا من أوهن الحجج. وسمعت مرة شيخاً صديقاً لي في الديوانية يسرد الأحاديث ويطيل في التحريم فذكر هذا الحديث، فسألته: متى يا شيخ تم هذا الكلام؟ في أي عصر؟ فقال: ربما في عصر أبي بكر أو على الأرجح عصر عمر رضي الله عنهم جميعاً. فقلت له:
ولم يسع عمر بن الخطاب الخليفة أن يمنع هذه المحرمات في خلافته؟! هل عجز عن منعها أم تهاون فيها؟ أم أنها كانت مباحات لا خلاف فيها. والحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عملها، يعني وضع أصبعيه في أذنيه، ولم ينكر على الراعي، ولم ينكر ابن عمر علي الراعي!! والنبي صلى الله عليه وسلم رسول يعتد بأفعاله وإقراره، وابن عمر معروف في الصدع بالحق حتى مع الخلفاء، فلما توقف عن الإنكار؟!
مثله قولهم: سمع ابن مسعود رضي الله عنه في العراق رجلاً يغني (يقصدون مالك بن دينار) فقالك ما أجمل صوته لو كان في تلاوة القرآن. أيقول حاكم العراق هذا الكلام في منكر عظيم؟! فقط؟؟ هذا ما وسعه! أفلا يسعكم إذاً أن لا تحرموا وتقولوا ما يقوله ابن مسعود ويحكم به عمر ويفعله ابن عمر؟!! هذا الحديث حجة علي من حرم الغناء والمعازف،
فهو يدل على وجود المعازف بين المسلمين في الخلافة الراشدة وفي العراق تحت حكم الصحابي الجليل اين مسعود الذي قال عنه عمر لآهل العراق: لقد آثرتكم بعبدالله بن مسعود. فهذا والحمدلله يشير لوجود زمارة في عصر الخلافة وعصر النبي صلى الله عليه وسلم دون إنكار على الراعي ولا منع. فمن منع زمارة أو أنكر على عازف أو راعي فقد عمل بخلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه. فلا حجة بهذا الأثر وأشباهه من أقوال بعض الأصحاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق