نظر معى حكم هذا الحديث الذى تستدلّ به و راجع من خلفى لتتأكّد من صدق كلّ كلمة .. !!
الحديث الذى أورده البخارى (ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف).
هذا الحديث هو من معلّقات البخارى و ليس على زمّة الإمام البخارى بل أورده دون إثبات فقط لا غير و بالتالى إثبات صحّته من ضعفه ليس من البخارى نفسه بل من الروايات الأخرى ..
- قال ابن حجر في هدى الساري ص17 إذ يقول (مالا يوجد فيه إلا معلقًا و لا يلتحق بشرطه مما قال فيه ((قال)) لكونه لم يحصل عنده مسموعًا أو سمعه وشك فى سماعه له من شيخه أو سمعه من شيخه مذاكرة ممّا رأى أن يسوقه مساق الأصل .... قال و مالا يلتحق بشرطه قد يكون ضعيفًا لا من جهة قدح فى رجال بل من جهة انقطاع يسير فى إسناده) انتهى كلام ابن حجر .. إذن فالبخاري باستخدامه للفظه (قال) و وضعه فى معلّقات الباب إنّما حكم عليه بالتعليق و هذا المعلّق قد يكون صحيحًا على شرط غيره أو ضعيفًا أو حسنًا صالحًا للحجة و لكنه ليس على شرطه.
- الحديث مضطرب من حيث السند لأنّ رواياته على عبد الرحمن بن غنم و روى بعضها بالشك في الصحابى و البعض الآخر قال بالجزم عن الصحابى رغم أنّ الراوى واحد .. فقال الحافظ العينى (و هذا تناقض يوجب إطراح الحديث و البحث عن دليل أخر إن وجد).
- رواية هشام للحديث التي ذكرها البخارى لم تأت كاملة فى أيًا من الروايات الأخرى بل إنّ رواية أبى داوود للحديث فيها كلمة الخز بالمعجمتين بدلًا من الحرّ بالمهملتين و هو معنى مختلف تمامًا خاصةً و أنّ الخزّ عند جمهور العلماء مباح و قد لبسه جلّ أصحاب النبى صلى الله عليه و سلم فهل يُعقل أن راوٍ واحد يروى الحديث بمثل هذه الاختلافات و بتحريم شيئ حلال أصلًا مثل الخزّ .. ؟!! .. فضلًا عن أنّ كلّ الروايات الأخرى لم تخلو من تضعيف فالحديث ليس له دليل صحيح يقوّيه و يصحّحه .. !!
- الحديث أيضًا مضطرب المتن فحذف بعض أجزاء الحديث كثيرًا ما غيّر معناه و أحدث خللًا فيه و خرج به من موضوع إلى موضوع ءاخر ممّا قد يصل به إلى الشذوذ أو حتى النكارة كما شهد أبو داود لرواية الخمر فقط هذا فضلًا عن أنّ هذه الروايات جميعاً ضعيفة لأسباب مختلفة و كثيرة.
- تضعيف علماء الجرح و التعديل فى هشام بن عمّار الذى عليه مدار نصف هذه الروايات و منها رواية البخارى ..
1- ذكر الحافظ المزى فى تهذيب الكمال و الذهبى و ابن حجر أنّ أبا داوود قال (قد حدّث بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل مسنده كلها) .. و أضاف الذهبى (فأظنّ أنّها مما لقن) و يشير إلى قول أبى حاتم فيه (هشام صدوق و لما كبر تغير حفظه وكل ما دفع إليه قرأه و كان كلما لقن تلقن وكان قديما أصح).
2- قال أحمد عنه (كان طياشًا خفيفًا) و رماه بالتجهم و قصد ما نسب إليه من قوله (إنّ قولى بالقرءان مخلوق) و قال أحمد (قاتله الله) و أمر بإعادة الصلاة خلفه.
3- قال الذهبى (كان يدور على أحاديث أبى مسهر و غيره يلقنها هشامًا فيحدثه بها و كنت أخشى أن يفتق فى الإسلام فتقا).
4- لم يخرّج له مسلم و لا أكثر أهل السنن و لم يخرّج له البخارى بعد هذا الحديث إلا حديثين أحدهما فى البيوع و الثانى فى مناقب أبى بكر و أحد الحديثين في الشواهد و عليه فأقصى ما يمكن قبوله فى مثل هذا الحديث أن يقال أنه حسن لغيره و هى رتبه لا ترقى لإنشاء حكم شرعى منفردة بل الأدلة الصحاح على خلاف ذلك.
و لو افترضنا أنّ الحديث صحيح سأثبت لك عدم تحريمه المعازف أصلًا .. !!
حديث الإمام البخارى يجمع بين المحرّمات المختلفة الدرجات فى لفظٍ عام و هذا لا يؤخذ به فى الفقه إذ أنّ الفقه فى التحريم قائم على التأكيد و الثبوت لا على الظنّ و المجاهيل من الأحكام لذلك نعيد كلّ مسألة لأصلها فنعرف حكمها إمّا محرّمة و إمّا مباحة فنجد التالى ..
1- ((((حرام عام كما فى الزنا)))) لا يحلّ الزنا للمسلمين كلّهم و لا يُرخّص لهم فى الأوضاع الطبيعية.
2- ((((حرام مقيّد على الجنس و الظرف كما فى الحرير)))) لا يحلّ الحرير على الرجال لكن يُستثنى من ذلك لباس الحرب إستنادًا لشهادة الرسول لأبو دجانة و كذلك لمن يُعانى من شيئًا فى جلده مثل عثمان بن عفّان.
3- ((((حرام مقيّد على الحالة كما فى الخمر)))) الخمر لا يحلّ شرابه لكن يحلّ فى التداوى و الطبّ و قال أهل العلم بأنّه جائز فى الإستعمالات المُختلفة التى لا علاقة لها بالشرب و أجاز البعض أنّ يحوّل الخمر لخلّ فيصبح جائز.
فبالتالى ((((العطف هنا العطف للإشراك اللفظى فقط لا للإشراك الحكمى و اللفظى)))) و هذا معناه أنّ كلمة يستحلّون ليس معناه حرام فى المُطلق بل فى حالة معيّنة يجب أن نعرفها من الأدلّة الأخرى لأنّ الربط بين الأمثلة المُختلفة هنا هو ربط باللفظ لا بالحكم .. !!
بالتالى نرجع حكم المعازف للأصل الذى بين أيدينا من القرءان و السنّة فلا نجد دليلًا واحدًا صحيحًا صريحًا فى التحريم بل العكس هو الصحيح بالإضافة إلى أنّ الأصل فى الأشياء هو الإباحة لا التحريم .. !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق