أقوى استدلال هو ما رواه البخاري عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري مرفوعاً: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة". قالوا: قوله صلى الله عليه وسلم "يستحلون" أي هو حرام وهم يحلونه. وهذا دليل على أنه حرام.
التحقيق: يصحح البعض من العلماء هذا الحديث رغم أنه من الأحاديث التي أنكرها كثيرون على البخاري كون أن البخاري لم يرويه من ضمن إسناداته في صحيحه ولكن علقه في الاستدلال في عنونة الباب، ورده علماء كثيرون وعليه اشكالات كثيرة. والحديث المعلق هو الذي سقط من سنده راو أو أكثر، مثل أن يروي تابع تابعي عن صحابي ولا يذكر التابعي الذي روى له الحديث فهذا يعتبره العلماء حديثاً معلقاً، والحديث المعلق لا يستدل به في الأحكام، لأنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مرفوعاً (أي إلى النبي) أو موقوفاً (أي إلي الصحابي). وسبب اعتقاد العلماء بأن الحديث معلق أي لم يسمعه البخاري من شيخه مباشرة هو قوله في "صحيحه" قال هشام بن عمار حدثنا .. ثم ذكر السند والمتن (أي لفظ الحديث)، والبخاري التزم الدقة الشديدة في صحيحه فهو لا يقول "قال فلان" وإنما يقول "حدثني"، فقوله "قال فلان" شكك العلماء في الحديث، وأن البخاري لم يسمعه من هشام أصلاً. لماذا في هذا الحديث خالف البخاري القاعدة في صحيحه؟ رغم أنه يقول "قال فلان" في رواياته خارج "الصحيح" كما فعلها في "التاريخ الكبير" وغيره. وهذا الحديث رغم ما عليه من كلام كثير ورد كثير من العلماء له إلا أنه حديث صححه كثير من المتبحرين في الحديث كالإمام ابن حجر العسقلاني ومحمد بن إسماعيل الإسماعيلي وغيرهما، ومن المعاصرين الشيخ الألباني رحمه الله والشيخ الجديع؛ لذا جاز الاستدلال فيه على خلاف الكثير من الدلائل الأخرى التي لا تصح في التحريم والإشارة لها.
- أولاً هذا الحديث خبر وليس حكماً، فهو يخبر عن حادثة ستحصل في المستقبل، الله بها وبتفاصيلها عليم، عن قوم هذه صفاتهم فسوف يصير لهم هذا المسخ. إن الإخبار عن حدث غير الحكم. والخبر لم يحصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم نسمع أنه حصل حتى زمننا رغم استمرار وجود هذه الأمور المذكورة في الحديث منذ ألف وأربعمائة سنة. وهذا يعطيك مؤشر على أن الموضوع أكثر من شرب الخمر والمعازف والزنى وإلا فهذا الموضوع يتكرر مليون مرة في اليوم كل يوم في العالم!
- لفظ "يستحلون" يدل على استحلال الحلال والحرام، مثل ما هو وضع المعازف والغناء هي حلال وحرام، هي وسيلة قد تستخدم في الحلال وقد تستخدم في الحرام. والدليل على كونها تستخدم في الحلال والحرام هو قوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" (رواه مسلم 1218)، فهذا حرام واستحلل. وقوله "ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني، وهو متكئٌ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله" (رواه أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه والدارمي وغيرهم)، فهذا حلال واستحلل. فبطل لفظ من قال "يستحلون" أي كان حراماً فأحلوه. أين الدليل على الحرمة أصلاً؟ أين في كتاب الله سبحانه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن المعازف حرام حتى يستحلونه؟
- هل يعقل أن يكون تحريم المعازف لم يأتي إلا في هذا الحديث وفي هذا المعنى في التحريم غير الصريح. واللفظ برأي من يرى التحريم مشكل كون "يستحلون" إذا قُصد بها هو حرام وهم يعلمون أنه حرام لكنهم يحللونه فهذا والعياذ بالله موضوع كبير، يرى العلماء أنه يوقع الشخص في الكفر، وإذا قُصد فيه أنهم يستحلونه من خلال تأويل وفهم، فهم مجتهدون ومعذورون، ولا لوم عليهم ولا عتب ولا يستدعي كل هذا النقاش العقيم. وأنت لو قرأت عنف كلام الشيخ الألباني في الرد على الشيخ محمد الغزالي أو الشيخ القرضاوي أو الإمام المبجل ابن حزم الأندلسي لتمنيت أن لا يُنقل هذا الكلام عن مسلم فضلاً عن عالم جليل كالشيخ الألباني، رحمه الله؛ فالكلام لا يليق فعلاً بطالب علم فضلاً عن عالم جليل، وهي شطحة نرجو ألا يأخذ بالاقتداء بها المسلمون، ونقترح أن لا يعملوا بعمله هذا، ولهم في سنة النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في الاختلاف والرد والحوار
- والجدل بالتي هي أحسن. لهذا نقول كلٌ يأخذ من كلامه ويرد، وهذا مما يُرد فعلاً ويرفض ولا يقبل ولا نظلم علماء المسلمين به، قال تعالي: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159)،وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة/ 54)، وقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل/ 125)، وقال: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت/ 34). ولقد تسبب هذا الكلام مثل ما تسبب كلام ابن تيمية وابن القيم لما تشددا في تشجيع عشرات الآلآف من المتطرفين والمتشددين والمتدخلين على العلم والمتعصبين فملأوا النت والكتب والمجالس شتماً وسباً وجدلآً وتكفيراً وتفسيقاً وأذىً، وتناولوا أعراض الناس والعلماء والمغنين والمغنيات والبشرية جمعاء، وقالوا كلاماً ما قاله نبي في مجحديه ومعذبيه. فالله المستعان وعليه التكلان. وغفر الله للشيخ الألباني على هذه الألفاظ التي أطلقها، وهي من عادته في مناقشاته وردوده، وليس هو بها قدوة ولا مثلاً جيداً، ويكفي ما قاله في الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز وغيره من علماء نجد، واللفظ له، وادعى على الشيخ بن باز في قوله بوضع اليدين على الصدر "بدعة ضلالة"، ورد عليه الشيخ بن باز رحمهما الله بعدما أثنى عليه بأن "هذا خطأ ظاهر لم يسبقه إليه أحد فيما نعلم من أهل العلم، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها" وزاد الشيخ بن باز: "ولكنه قد غلط في هذه المسألة غلطاً بينا".
- فلاشك أن الشيخ الآلباني مثل غيره يقع في الخطأ ويخالف الأحاديث الصحيحة، كما قال الشيخ عبدالعزيز رحمه الله (مجموع الفتاوى ورسائل في الصلاة). لهذا فلا اعتبار لكلام من يقول ما يقول، الاعتبار كما قال الشيخ الألباني نفسه، رحمه الله، بمعرفة الحق، فإذا عرفت الحق عرفت الرجال عدا ذلك فسوف تضيع في ترهات الردود وأهل الجدل كما في بعض التعليقات والردود من المضطربين نفسياً أو اجتماعياً أو إيمانياً أو روحياً والباحثين عن قضية فلا قضية لهم، وهم بذلك يشعرون أنهم ينصرون دينهم، وما أذكى الشيطان بهذه المعاني، يوهم للناس أنهم يدافعون عن الله أو دينه وربما ما صنعوا شيئاً غير تنفير الناس. ووالله لو لم يكن للشيطان إلا أن أوحى لهم التعالي والتزكية للنفس واستصغار الآخرين لكفى، ولبلغ مراده في الكبر والتحريش بينهم. وهؤلاء الذين يتصفون بهذه الصفات أكثر الناس تقليلاً للعباد، لو تقدم الشيخ الألباني لبنته ما زوجه لأنه ألباني أو سوري أو مصري .. وهم أكثر الناس عندنا في الكويت معارضة لتجنيس المستحقين بسبب العنصرية التي يطبعونها بالدين أحياناً وبالعرف أحياناً أخرى، وهم أكثر الناس تقليلاً في الهنود والأسيويين، وأكثر الناس طعناً في الأمم، وهذا كله لا صلة له بدين ولا أصل. وبعضهم يعتقد أنهم في العلو والناس من ذوي الجنسيات الآخرى لهم تبع ثم البقية كافرة مخلدة في النار. وكم فضح هذا الحديث من أخلاقيات الناس فشطوا وشردوا في الطعن في نوايا الناس وأخلاقهم وأعمالهم، ونصبوا أنفسهم قضاة على البشر، والله المستعان على ما يصفون.
- لا يشير الحديث لكون هؤلاء الناس الذين سيعاقبون بسبب أنهم يستمعون إلى المعازف. فقوله صلى الله عليه وسلم عن صفات الخوارج "تكرهون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلي صيامهم، يفرون من الإسلام كما يفر السهم من الرمية" لا يعني حرمة الصلاة والصيام بسبب أن هؤلاء المارقين من الدين يعملونه! وأهل الصلاح وأهل الباطل يستمعون للمعازف، كما سنشير بأدلة واضحة من كونه فعل يعمله بعض الصحابة والتابعين والأئمة الأجلاء والخلفاء وفضلاء البشر.
- وأقوى إشارة في الحديث هو كون الفقير يأتيهم لحاجة فيبخلون عليه بينما يسرفون ويفرطون في الشرب واللهو والخطيئة مستعذبين ذلك، متنعمين بالحرير. ومع ذلك يردونه، والله أعلم، كم ليلة فعلوا ذلك، وكم مرة فعلوها. إن مَن صنيعهم ذلك قد تقوم القيامة عليهم أو يحصل لهم هذا الحدث المريع. إن الله سبحانه برحمته وكرمه لا يخسف بشارب الخمر، وعازف المعازف، ولابس الحرير، وإلا لكان هذا الحدث يحصل خمسين مليون مرة في اليوم كل يوم!! إن اجتماع هذه الأمور هو الحرام لا مفردها، مثلها مثل ما ذكرناه في الآية الكريمة (وأنتم سامدون) التي أستدل البعض بأنها في المغنين بينما غفلوا عن (ويضحكون) فحرموا الغناء وأباحوا الضحك!! فلا الضحك حرام ولا الغناء حرام في الآية المذكورة ولكن اجتماع ذلك من خلال رد الآيات والاستعجاب، وهي هنا كذلك اجتماعها المحرم. يجب أن يجتمع الزنا مع الخمر مع المعازف مع رد ذي الحاجة مع لبس الحرير مع أمور أخرى حتى يصدق هذا الحدث والخبر. ومعلومة هي المحرمات لكن المعازف لم يرد فيها التحريم، وإلا فهذا القرآن الكريم وهذه السنة النبوية عليهم أن يأتوك بدليل واضح وصريح في ذلك. تركوا كل الأحاديث الصحيحة الواضحة والصريحة وتشبثوا بالمتشابهات.
- قوله "ويمسخ آخرين" فيه إشارة إلى أناس غير هؤلاء يعني هؤلاء الله يبيتهم ويسقط عليهم الجبل وآخرين يمسخهم قردة وخنازير. لماذا؟ لا علم لنا ولا دراية، كون رواية الحديث غير مترابطة.
- إن في الحديث شبهات واضطراب فنحن لا نعرف سبب تعليق البخاري له من بين أكثر من سبعة آلاف وخمسمائة حديث يقول فيهم "حدثني" وفي هذا وثلاثة فقط أخرى يقول "قال"، وحديث يأتي بلفظ "يستحلون" والحرير أصلاً حلال لبسه على النساء وحلال بيعه من قبل الرجال، والمعازف أصلاً حلال لم يرد فيها تحريم ألبته، والحر يعني الفرج، وهو حلال بين الزوجين، ويبدأ عن أبي عامر أو أبي مالك، ويسرد الراوي الحديث ثم يقول "ويمسخ آخرين"، وما سبب مسخهم؟ لا نعلم. فهل هذا يعني أن بعضاً منهم يقع عليه الجبل وآخرين يمسخهم الله قردة وخنازير؟! الله أعلم. فالحديث فيه غموض، وقد تحمس له المحرمون ومنهم شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله - حيث بسببه نقل كل من بعده كلامه ومعناه، ما زادوا حرفاً (نفس الكلام في أربعين ألف منتدى وموقع cut-paste)، ومما قال في "مجموع الفتاوى": فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها، وقال: وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه. انتهى كلام الإمام بن تيمية - رحمه الله - وهو لفظ تجده في آلآف المواقع في النت. وهذا الكلام غير صحيح. فهذا الحديث لا يدل على التحريم، والمعازف لو كانت تتناول كل الآلآت لشملت الدف، فالدف آلة موسيقية هو اتفاق بين كل البشر في الأزمان ممن يعرفون العزف، والنبي صلى الله عليه وسلم أباحه، وأمر به، والطبل كذلك سمعه وسمح به، كما في حديث الأحباش الذي ذكرناه. وقوله "أن ذلك لم يحدث ولا حتى بدف" خطأ كبير، بل حدث وبحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله الصحابة، والتابعون، ورواة الحديث وسنأتي بذكر عشرة أو عشرين منهم أو أكثر من أجل الأئمة وأعدل الخلفاء وفي المائة الأولى، وممن هم بمنزلة بن تيمية وأعلى منه فقهاً وعلماً وسعة. وهذا الكلام يتناقل في المنتديات والمجالس وكتب الكتاب، لا يحققون بالكلام؛ ينقلونه دون تحقيق ولا تأكد، ومن هنا أصبنا بكثرة التحريم والخلط وهجر البحث الدقيق وتخدرت الأمة في الجدل والتكرار. وما يدري شيخ الإسلام رحمه الله عن أهل اليمن والشام ومصر وخرسان .. الخ.
- سبحان الله هل أعطي هذا الكشف؟ أم وحي بعد رسول الله؟! ومع ذلك فكلامه خطأ بل موجود في زمن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وفي المدينة ومكة والشام ومصر وخرسان والأندلس والدنيا كلها ومن قبل أشارف الناس وأكارمها كما سأبينه بإذن الله. وهذا الكلام غير مقبول، والإمام بن تيمية ليس حجة على الأمة ولا غيره، يأخذ من كلامه ويرد منه الكثير، وهو ليس حجة إلا على المقلدين، مع علو منزلته وكريم فضله على الأمة في مسائل وتضحيات وجهاد وعلم وعطايا كثيرة. فهذا الحديث فيه إشكاليات كثيرة ولذا رده الإمام ابن حزم ليس فقط سنداً بل متناً. وكثير من العلماء قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور على (هشام بن عمار) وقد ضعفه الكثيرون. وهشام بن عمار، لا شك رجل صالح تقي، روى عنه الأئمة البخاري والترمذي وأبوداود، وامتنع أن يروي عنه مسلم، إلا أن عليه كلام كثير بالذات في آخر عمره. قال العلامة الذهبي رحمه الله في ميزان الإعتدال في نقد الرجال (7 / 86، ترجمة 9242): هشام بن عمار السلمي الإمام أبو الوليد خطيب دمشق ومقرؤها و محدثها وعالمها، صدوق، مكثر له ما ينكر. قال أبو حاتم: صدوق وقد تغير فكان كلما لقنه تلقن فأظن هذا مما لقن، روى عن مروان بن معاوية عن أبي خالد عن قيس عن جرير قال النبي صلى الله عليه وسلم من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة قال أبو حاتم: هذا باطل، وإنما يروى من قول قيس، وقال أبو داود حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها! قال: وقال المروزي ذكر أحمد (يعني الإمام أحمد بن حنبل) هشاماً فقال طياش خفيف، قال المروزي ورد كتاب من دمشق سل لنا أبا عبد الله فإن هشام بن عمار قال لفظ جبريل و محمد عليهما السلام بالقرآن مخلوق فسألت أبا عبد الله فقال أعرفه طياشا قاتله الله لم يجتر الكرابيسي أن يذكر جبريل ولا محمد صلى الله عليه وسلم هذا قد تجهم وفي الكتاب أنه قال في خطبته الحمد الله الذي تجلى لخلقه بخلقه فسألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) فقال هذا جهمي الله تجلى للجبال يقول هو تحل لخلقه بخلقه إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة، ومع ذلك فقد دافع عنه الذهبي في ترجمته وبأنه يؤخد من كلامه ويترك. وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 573، ترجمة 7303): هشام بن عمار نصير بنون مصغر السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق، مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق